أحمد حوذان

مأساة المشايخ في ظل حكم الحوثي

أحمد حوذان
الاربعاء ، ٢٥ ديسمبر ٢٠٢٤ الساعة ١٢:١٥ مساءً

كان المشيخ في اليمن رمزاً للعزة والكرامة، وكانوا يتمتعون بمكانة مرموقة في المجتمع. إلا أن هذا الوضع تغير جذرياً بعد انقلاب ميليشيا الحوثي الذي بقي المشايخ دورهم يقتصر على الحياد والبعض منهم مارس دور المتفرج والبعض منهم ساهم في تدمير دولة النظام والقانون وسمح بمرور المليشيات بل وقع الكثير من المشايخ اتفاقيات مع المليشيات للوقوف معهم ومناصرتهم فخذلوا الدولة واختار العديد من المشايخ الانحياز إلى جانب الحوثيين، ظنًا منهم تحقيق مكاسب شخصية.

في فترة النظام الجمهوري، كان للمشايخ دور بارز ومؤثر في تطوير وبناء الدولة، حيث كانت لهم مشاركة فاعلة في صياغة القرارات السياسية والاستراتيجية. وقد اكتسبوا احترامًا وتقديرًا كبيرين من قبل أبناء الشعب اليمني. ومع ذلك، فإن صعود الحوثيين إلى سدة الحكم أدى إلى تغيير جذري في هذا الدور، حيث أصبح المشايخ مجرد أدوات يتم استغلالها لتحقيق مصالح ضيقة وفئوية.

 فقد استخدمتهم المليشيات للقيام بعمليات تحشيد للأطفال، كما قاموا بأداء أدوار مشينة تسببت في تفكيك العلاقات والأواصر المجتمعية.    لقد فقد المشايخ الذين انحازوا إلى الحوثيين هيبتهم ومكانتهم، وأصبحوا مجرد أتباع مطيعين. فبدلاً من أن يكونوا قادة قبائلهم، أصبحوا أسرى لأوامر الحوثيين. وقد أدى هذا إلى تآكل النسيج الاجتماعي وتفكك القبائل. 

الكثير من المشايخ الذين تراجعوا مؤخراً، وخصوصاً بعد استشهاد الزعيم علي عبدالله صالح في ثورة الثاني من ديسمبر، تعرضوا للاعتقال والاختطافات، والبعض منهم تم اغتيالهم وتصفيتهم في حوادث مختلفة تمثلت ما بين القتل المباشر والاغتيال وحوادث مرورية، والبعض منهم تعرض للإهانة. 

على وجه  المقارنة بين مجد الماضي وهوان الحاضر كان المشايخ في اليمن لقرون طويلة حماة العادات والتقاليد، وقادة قبائلهم، وشركاء في بناء الدولة. إلا أن هذا الدور النبيل تآكل تدريجياً مع صعود الحوثيين إلى السلطة. فبدلاً من أن يكونوا صناع قرار، أصبحوا أدوات طيعة في أيدي المليشيات الحوثية، يستخدمون لتحقيق أجندات ضيقة.

لقد استغل الحوثيون نفوذ المشايخ وقدرتهم على التأثير على قبائلهم، فحولوهم إلى أدوات لتحشيد مقاتلين للقتال، والترويج لأيديولوجيات متطرفة ودورات عسكرية، وتدمير النسيج الاجتماعي. وبدلاً من أن يكونوا حماة لمجتمعاتهم، أصبحوا جزءاً من المشكلة.

العديد من المشايخ الذين تراجعوا عن مواقفهم السابقة، تعرضوا للاضطهاد والقتل. فقد تعرضوا للاختطاف والاعتقال، وتم اغتيال بعضهم بطرق وحشية. ولم يسلم حتى أولئك الذين حاولوا الحياد من الانتقام الحوثي.

هذا التحول الدراماتيكي في دور المشايخ له عواقب وخيمة على اليمن والمجتمع اليمني. فقد أدى إلى تآكل الثقة بين القبائل والحكومة، وزعزعة الأمن والاستقرار، وعرقل جهود إعادة إعمار البلاد.

السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا اختار العديد من المشايخ هذا الطريق؟ ربما كان طمعاً في السلطة والمال، أو خوفاً من العنف، أو جهلاً بالمخاطر المترتبة على هذا الانحياز.

إن تحول المشايخ من رموز للعزة إلى أدوات للظلم هو خسارة كبيرة للشعب اليمني. فالمشايخ هم حماة العادات والتقاليد، وهم الذين يحافظون على التماسك الاجتماعي. وعندما يفقدون دورهم، فإن المجتمع 

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)