هناك سباق مع الزمن لتوقيع وثيقة التفاهمات التي تمت مع الحوثي، والتي هي عبارة عن طبخة من عدة مراحل. في المرحلة الأولى، سيتم الإعلان بشكل رسمي عن إلغاء الحرب بصيغتها السابقة (إنهاء التحالف بشكل رسمي) ويتمنى صانع الطبخة أن يؤدي ذلك إلى: تجميد الحرب، وتثبيت الأمر الواقع من الناحية السياسية والعسكرية، وفي أسوأ الأحوال، يمننة الحرب لتصبح حرب محلية منسية مثل الحرب الدائرة في السودان. في مقابل أن يحصل الحوثي على بعض المكاسب مثل صرف الرواتب وإلغاء القيود على الموانئ ومطار صنعاء.
وفي المراحل الأخيرة، تهدف الطبخة، إلى إلغاء الدولة اليمنية بشكل رسمي وعبر "أطراف الحوار" وبرعاية إقليمية ودولية، تحت مسمى الفدرالية، والتي يراد لها أن تؤدي إلى تمزيق اليمن إلى كانتونات متصارعة، تحكمها الكيانات والمليشيات الحالية، أو التي سيتم تشكيلها، والتي هي مصنوعة من الخارج، وستبقى تدار من الطرف الذي صنعها.
كان من المفترض أن يُــوقع على الطبخة قبل فترة؛ إلا أن الحرب في غزة أخرت التوقيع، ويخشى الآن أن تؤدي الحركات الحوثية الاستعراضية في البحر الأحمر، إلى تأخير أو نسف الطبخة في حال تصاعدت الأحداث وتم توجيه ضربات قوية للحوثيين. ومن أجل منع حدوث ذلك، تقوم الأطراف التي لها مصلحة في تمرير الطبخة، بما في ذلك مبعوث الأمم المتحدة، والذي هو المشرعن الدولي للطبخة، بالضغط والطلب من الولايات المتحدة وربما إسرائيل، بعدم الرد عسكريا على الحوثي، وعدم إدراج الحوثي ضمن المنظمات الإرهابية.
في المقابل يتجه الحوثي إلى تصعيد حركاته، تحت إغراء الحصول على مكاسب سياسية وشعبية. وفي حال خرجت هذه الحركات عن طبيعتها الاستعراضية، وأدت إلى أفعال خطيرة من قبيل: إصابة قطع بحرية أمريكية ومقتل أمريكيين، أو تهديد حقيقي للملاحة، فإن الرئيس الأمريكي سيضطر لأن يرد عسكريا وسياسيا على الحوثي. وسيعتمد حجم وطبيعة الرد الأمريكي، وربما الإسرائيلي، على حجم الأضرار نتيجة عمليات الحوثي المتوقعة.
السيناريو المتصور أن يكون الرد في البداية رمزي وتحذيري للحوثي كي يوقف عملياته، لكن مثل هكذا ضربات ستجعل الحوثي يصعد أكثر. فسيكلوجية الحركات المارقة والمعزولة مثل الحوثية، تستهويها المعارك الاستعراضية التي لا تمس وجودها أو تشكل خطرا على قادتها؛ لأنها تمنحها شعبية وانجازات تعوضها عن ضعف شرعيتها وفشلها في مجال الاقتصاد والخدمات. يضاف إلى ذلك الدور الإيراني، والذي يبدو بأنها غير متحمسة لإنجاز الطبخة بصيغتها الحالية، إضافة إلى أنها حريصة لأن تبقي الحوثي يقوم بدور البلطجي الدولي لصالحها. ولهذا فإن إيران ستوجه الحوثيين ليصعدوا ضمن الحدود التي لا تؤدي إلى ردات فعل كبيرة تضعف الحوثيين أو تطال الإيرانيين أنفسهم. وعلى افتراض أن الأمور خرجت عن السيطرة، وتم توجيه ضربات قوية للحوثيين؛ فإن من المتوقع أن يتأخر التوقيع على الطبخة المرسومة، أو إلغائها تماما، وهذا الأمر سينقل اليمن إلى مربع جديد.
وبما أن مخرجات الطبخة سيئة على اليمنيين؛ فإن الرهان معقود على غباء الحوثي وطيشه لإفساد الطبخة، أما الأطراف اليمنية الأخرى فإنها إما مستفيدة من الطبخة، مثل أمراء الكانتونات والمليشيات، والتي ستثبت الطبخة مواقعها، أو أنها منفذة لمشية الأطراف صانعة الطبخة.