يعتبر الحزب الاشتراكي توحيد السلطنات والمشيخات التي كانت قائمة قبل استقلال الجنوب بأهم وأكبر منجز له. وتلك الوحدة التي تمت عبر العنف بأبشع أشكاله، تبعها بسياسات صارمة لمحو الهويات السياسية والثقافية للكيانات التي قام بتدميرها. ومن ذلك؛ تسمية المحافظات التي أنشأها بالأرقام كي لا يكون لها إي هوية ثقافية أو تاريخية أو ثقافية. فتم تسمية ما عُـرف لاحقا بمحافظة عدن، المحافظة الأولى، ولحج بالثانية وأبين بالثالثة، وشبوة بالرابعة وحضرموت المحافظة الخامسة والمهرة المحافظة السادسة.
في مؤتمر حوار موفمبيك، طرح الحزب الاشتراكي رؤيته لتقسيم اليمن إلى إقليمين، تمهيدا للعودة عن وحدة 22 مايو الاندماجية، والتي كان يعتبرها وحدة باطلة لأنها تمت بالقوة حسب ادعائه في 94، رغم أن وحدة 22 مايو تمت بطريقة سلمية فيما كانت حرب 94 لمنع الانفصال وليس لفرض الوحدة. وحين تم الحديث أنشأ الإقليم الشرقي في الجنوب، خلال ذلك المؤتمر، استشاط الحزب الاشتراكي غضبا وصرح زعيم الحزب، حينها، الدكتور ياسين سعيد نعمان بأن تقسيم الجنوب إلى إقليمين خطأ لأنه سيؤدي إلى تمزيق الجنوب واستعادة حالة التجزئة كما كانت قبل الاستقلال، والتي وقضى عليها الحزب.
في حينها كتبتُ مقالا بعنوان (الحزب الاشتراكي لا زال حزبا جنوبيا خالصا) ردا على تصريحات الدكتور نعمان المستفزة، والتي هاجمتني بسببه صحيفة الثوري في افتتاحية لها، وقد أشرت في المقال إلى أن الحزب الاشتراكي يسعى بكل قوة لتمزيق الجمهورية اليمنية تحت لافتة الفيدرالية، بينما هو حريص كل الحرص على أن لا يشمل التمزيق المحافظات الجنوبية، تحت نفس لافتة الفيدرالية.
قبل أيام وبمناسبة 30 نوفمبر كتب، منظر تدمير الجمهورية اليمنية، سفير اليمن في لندن الدكتور ياسين سعيد نعمان مقالا، تضمن تحذيرا لمخاطر تقسيم الجنوب، بعد الإعلان عن ما يسمى (مجلس حضرموت الوطني) من الرياض. وحذر الدكتور نعمان، بلغته المتحذلقة، تشكيل ذلك المجلس حيث أشار إلى أن "استهداف وحدة الجنوب بسياسات كل هدفها تفريغ الجنوب من دينامياته" واستطرد الدكتور نعمان "نوفمبر ليس حالة وجدانية؛ هو مسار وطني ومنجز تاريخي، وكل المكونات الجيوسياسية التي شكلت قاطرته منذ اليوم الأول عام 1967، وعلى رأسها حضرموت، ستظل على صلة وترابط به كمنجز وكمسار معا سيبقى رافعة لتجاوز كل ما لحق بالمشروع الوطني من اخفاقات وبه ومعه ستهزم كل محاولات تفكيكه"
الدكتور نعمان في هذا المقال يُـعيد تأكيد ما ذكره في أثناء مؤتمر حوار موفمبيك، وما أشار له مرات عديدة في أكثر من مقال، من أن تقسيم الجنوب خطأ وخطيئة ويناقض الحتمية التاريخية، على حسب وصفه. في المقابل لم نقراء لسفير الجمهورية اليمنية، والذي من أهم واجباته الدفاع عن وحدتها وسلامة أراضيها، أي معارضة حين تم تشكيل المجلس الانتقالي الانفصالي، والمليشيات الانفصالية، وغيرها من المكونات والمؤسسات الانفصالية من قبل نفس الجهات التي شكلت مجلس حضرموت الوطني، والسبب بسيط، وهي أن تلك المكونات تستهدف تمزيق الجمهورية اليمنية التي يمثلها كسفير. وهذا التمزيق هو ما سعى ويسعى له ويتمناه.