من أهم نتائج الانتخابات العراقية الأخيرة خسارة الأحزاب والفصائل الموالية لإيران، والتي تسيَّدت المناصب لسنوات طويلة، وكانت تحلم بأنها ستبقى في سُدّة الحكم إلى ما لا نهاية. وينطبق ذلك على كل الكتل السياسية، وهم شركاء في الفساد.
وهذه النتائج أصابتها بالصدمة والذهول لأنها لم تكن متوقعة خسارتها بهذا الشكل. وشهدت هذه الانتخابات صعود احزاب سياسية جديدة معارضة لكن الصعود الملف هو صعود التيار الصدري وحصوله على اكثر 73 مقعد ضعف ما حصل عليه في انتخابات 2018 وبعد الفوز في الانتخابات لم يخف السياسي ورجل الدين الشيعي المثير للجدل مقتدى الصدر طموحه لتشكيل حكومة اغلبية سياسية اذا تشكلت ستكون اول حكومة تختلف عن باقي الحكومات السابقة التي امتازت بحكومات توافق وطني وعدم اقصاء أي طرف من الاطراف السياسية.
وأكد مقتدى الصدر أن حكومة الاغلبية السياسية لاتعني استبعاد مكون او مذهب او دين، بل ان الاغلبية تعني تنفيذ مجموعة مبادىء وأسس متفق عليها.
ويطمح الصدر لتشكيل حكومة بعيدا عن النفوذ الشرقي الايراني والنفوذ الغربي الامريكي لكن تبدو طموح الصدر بعيدا عن الواقع فهي مهة تبدوا شبه مستحيلة فايران لا تسيطر على العراق سياسيا فقط بل نفوذها في جميع المفاصل فلها نفوذ في المجتمع والدين والسياسة والرياضة وجميع الميليشيات تحت امرتها.
مما يصعب على مقتدى الصدر أن يوفي في وعده الذي قطعه على نفسه. اما النفوذ الغربي الامريكي الذي بدء بعد اسقاط النظام السابق عام 2003 يتغلغل داخل العراق لكن النفوذ الامريكي في العراق لم يعد كما كان في السابق.
وبات أمراً مألوفاً أن نقرأ أو نسمع من المعلقين، أن نفوذ أمريكا في العراق قد تراجع بشكل جذري. حتى أن بعضهم يرى أن النفوذ الأمريكي برمته في طريقه إلى التلاشي. لكن هل فعلاً أن النفوذ الأمريكي في العراق هو أقل الآن عما كان عليه في الماضي بسبب انسحاب امريكا من العراق نهاية عام 2011 دون تقليم اضافر ايران في العراق لكن يبقى النفوذ الامريكي في العراق حتى وأن لم يكن مثل السابق ببساطة أن العراق لن يخرج من دائرة النفوذ الأمريكي ولن تفرط امريكا مصالحها في العراق لأي سبب كان.
اذا نجح الصدر بتشكيل حكومة اغلبية لا شرقية ولا غربية ستكون معجزة بكل المقاييس على الرغم من فوز الصدر بالمركز الأول في الانتخابات، إلا أن حصوله على 73 مقعداً لا يعني تلقائياً أن يتمكن من تشكيل حكومة الاغلبية ، إذ لا بد للتكتل الذي سيشكل الحكومة من امتلاك على الأقل أغلبية بسيطة من مقاعد البرلمان، أي 165 مقعداً من 329 لا يمكن القول أن حكومة الأغلبية التي ينادي بها الصدر تملك كل الحلول لأزمات العراق لكنَّ ذلك لا يعني أنها ليست خياراً أفضل مِن تكرار أخطاء تشكيل حكومة توافقية. وطوال 18 عاماً لم تكن إلّا حكومات فاشلة وفاسدة وظيفتها خدمة مصالح الطبقة السياسية.
* كاتب عراقي