هل أدركتم الآن لماذا استعجلت مليشيا الحوثي إعدام الأربعة المتهمين بتعذيب وقتل الشاب عبدالله الأغبري في قصة "الموبايلات" الشهيرة؟!
يومها صرختم بصوت جماعي: "يا لحرص الحوثيين على تحقيق العدالة" وظلت أفواهكم فاغرة ولا أظنكم تستطيعون إغلاقها بعد المذبحة التي ارتكبتها الجماعة اليوم في صنعاء.
كتبت يومها أن الجماعة بهذه الخطوة تغطي على الجريمة الأكبر، وبغض النظر عن كون قتلة عبدالله الأغبري مجرمين حقيقيين يستحقون المصير الذي آلوا إليه، إلا أن المليشيا فاقدة الشرعية، كانت تحقق بإعدامهم أهدافاً عدة، فبقدر ما استخدمت حفلة إعدامهم لتلميع نفسها كسلطة حريصة على تحقيق العدالة الناجزة، فإنها كانت تغطي بها على الجريمة الأكبر وهي الإنقلاب وتدمير اليمن، وتلمع بها أكابر مجرميها الذين أوغلوا في دماء اليمنيين.
وكان الهدف الأكبر من تلك العملية المخططة بدقة وذكاء هو التمهيد لتنفيذ مذابح بحق مختطفين في سجونها بدأتها اليوم بحق تسعة من أبناء تهامة في صنعاء، من بينهم الشيخ علي بن علي قوزي أمين عام المجلس المحلي بمحافظة الحديدة، نائب المحافظ، تحت مسمى "إعدام تنفيذاً لحكم شرعي" والتهمة المشاركة في اغتيال الصماد الذي قصفه التحالف أمام الله والناس في رابعة النهار وسط مدينة الحديدة.
الآن وقد أوغلت المليشيا في حفلة الإعدامات تحت مسمى تنفيذ أحكام القضاء يمكنكم أن تستمتعوا معها بمشاهدة مسلسل الإعدامات الطوييييل وقد بدأت حلقاته.
كانت مجرد حفلة لافتتاح المقصلة، وستكون تهم كثيرة بانتظار خصوم كثيرين حيث بات واضحاً أن المقصلة لن تغلق اليوم أو غداً، خاصة وأن جماعة الحوثي التي تسيطر على صنعاء وأجزاء واسعة من مناطق شمال ووسط وغرب اليمن، وتحكم قبضتها على القضاء وعلى كل مؤسسات الدولة ومقدراتها قد أصدرت عشرات الأحكام بإعدام سياسيين وإعلاميين ونشطاء من مناوئيها ومصادرة أموالهم وفيما شرعت فعلياً في مصادرة كل المؤسسات التجارية والمالية التابعة لخصومها الذين اضطروا لمغادرة البلاد، فإنها قد أجلت تنفيذ أحكام إعدام كثيرة وتحت مبررات تسوقها للقطعان من أتباعها ومؤيديها وتحاول إقناعهم بها باعتبارها الدولة.
اعمل شيئاً يلبي رغبة الجمهور ويتماشى مع مزاج الرأي العام لتمهد لمخططات تريد تمريرها لاحقاً، هذا ما اتبعته مليشيا الحوثي مع خصومها، ففيما عجت منصات التواصل بالإشادة بالمحاكمة السريعة لقتلة عبدالله الأغبري كانت قيادة مليشيا الحوثي تقهقه وتستلقي على ظهرها رضاً عن نجاح تلك الخطوة التي لا تتعدى كونها "حفلة افتتاح المقصلة" التي نصبتها لخصومها بمختلف مسمياتهم.
وبالنظر إلى حالة التدليل الدولية التي تقابل بها مليشيا الحوثي والتي تمكنها من تمرير جرائمها دون أن تتلقى إشارة ردع فإن ذلك سيغريها في مواصلة المهمة حتى النهاية.
حكمت الجماعة بالإعدام على الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" لكنها لم تذبح سوى تسعة يمنيين أبرياء، أعدمتهم اليوم في صنعاء دون أن يرف لها جفن، وهي بذلك تريد توجيه رسالة للشعب اليمني بأنها اليوم تدشن مرحلة جديدة تجاوزت مرحلة الترهيب بالإختطاف والإخفاء القسري وإصدار أحكام الإعدام، إلى تنفيذ إعدامات جماعية وأنها قد تجاسرت وتجاوزت مخاوفها القديمة وصارت قادرة على ارتكاب جرائم وتجاوز ذلك إلى محاولة إقناع المجتمع أن ما تقوم به أعمال بطولية.
يمكن القول اليوم إن المجتمع الدولي ورعاة عملية السلام في اليمن اليوم شركاء في هذه الجريمة البشعة وفيما سبقها وسيتلوها من جرائم بحق اليمنيين العزل الذين تحتجزهم المليشيا في مناطق سيطرتها كرهائن لفرض مشروعها العنصري وانتزاع شرعية من العالم لهذه المنظومة القبيحة.
لا يزال في درج القاضي "الجزار" عشرات الأحكام التي صدرت وأخرى في طريقها للصدور وسيتم التعامل معها وفقاً لما ستلمسه الجماعة من ردة فعل محلية ودولية تجاه المجزرة التي ارتكبتها اليوم، ومدى قدرة المجتمع على التعبير عن رفضه وسخطه لهذه المجازر، بالإضافة إلى الإشارات التي ستتلقاها المليشيا من المجتمع الدولي الذي صمت صمت القبور عندما وجهت مليشيا الحوثي في السابق صواريخها ومسيراتها باتجاه أحياء سكنية ومؤسسات طبية وتعليمية ومنشآت مدنية كان آخرها قصفهم ميناء المخا الأسبوع الماضي.
*نقلا عن المصدر اونلاين