منذ بداية عاصفة الحزم وبدء عمليات التحالف الذي تقوده المملكة لإعادة الشرعية في اليمن، بل وقبل ذلك، أي منذ اجتياح الفوضى دولاً عربية في ما أطلق عليه الربيع العربي الذي اتضح سريعاً أنه مشروع دمار عربي، أقول منذ ذلك الوقت وأنا أكتب عن أحداث كلما استجد جديد لاعتبارات مهمة، فاليمن جار تأريخي للمملكة تتصف العلاقات بينهما بخصوصية متميزة على المستوى الرسمي والشعبي، ولذلك فإن استقراره وأمنه مسألة في غاية الأهمية للمملكة، وهذا أحد أهم الأسباب التي جعلت الأنظمة الراعية للفوضى والإرهاب وتفتيت الدولة الوطنية العربية تستهدفه لتمزيقه وتحويله إلى قاعدة لزعزعة الأمن في الدول المحيطة به، المملكة تحديداً.
ومنذ بداية أزمته بدأت الأوراق تختلط سريعاً فيه لأسباب كثيرة خارجية وداخلية، والذين لا يعرفون التركيبة اليمنية المعقدة، القبلية والاجتماعية والسياسية والثقافية والمذهبية، والترسبات والتراكمات التأريخية، وفلسفة إدارة الحكم فيه عبر مراحله وصولاً إلى المرحلة الراهنة المؤسفة التي سقط فيها اليمن في براثن مليشيا الحوثيين، الذين لا يعرفون ذلك يصعب عليهم قراءة المشهد اليمني على حقيقته وفهم تداخلاته المعقدة التي تبدو غرائبية إلى حد كبير، ويستعصي عليهم تفسير كثير مما يجري بين مكوناته السياسية في هذه المرحلة الحساسة، ومما يزيد الوضع تعقيداً حالة الاستقطاب القوية التي تمارسها بعض الأطراف من الداخل والخارج لتحقيق أجنداتها،
فنرى طرحاً إعلامياً للبعض يتسم إما بالسطحية أو الانحياز الواضح لطرف دون معرفة حقيقته أو التخوين المجاني أو اختلاق افتراضات غير موجودة، أو تضخيم أحداث ثانوية، أو ممارسة إسقاطات ذاتية، أو توظيف أفكار وقناعات في سياقات غير موضوعية، وكل ذلك بادعاء مناصرة القضية اليمنية العادلة، بينما كثير من هذا الطرح يضرها أكثر مما يفيدها، ويصب في مصلحة الذين يريدون لليمن أن يمضي إلى الأسوأ مقسماً مفككاً مختطفاً بلا دولة، يعاني شعبه أسوأ الظروف وأشد المآسي.
*نقلاً عن عكاظ