يرى البعض أن دعوتي للحوار واستثناء الحوثي من هذا الحوار أنه تعصب ضد الحوثيين وأن ذلك لن يفضي إلى سلام حقيقي طالما استثنينا الحوثيين .
والحقيقة أنني أقدر هذا الرأي الذي يأتي تحت اليأس والتعب من الحرب . لكنني أقول لهؤلاء أن المشكلة تقع في الحوثي نفسه وليس في الآخرين . أنتم تتحدثون عن الحوثي وكأنه جماعة عادية لا علاقة لها بسلاح إقليمي موجه إلى صدور اليمنيين .
تتحدثون عن جماعة تعتقد أن سلالتها لا تمتلك الصواب فحسب ، ولكنها ملزمة بإخضاع وإبادة الجنس الأدنى منهم . تأملوا في حوادث القتل التي أقدم عليها مشرفي الحوثي بدم بارد وقتلوا الآلاف وأقربها إلى أذهانكم كانت مقتل جهاد الأصبحي . ماذا كانت النتيجة ، هل حاكموا القتلة ، أم أنهم جيشوا الجيوش لقتل من طالب بالقصاص الرباني ؟ يأتي هذا من منطلق أن الآخرين مجرد حشرات طفيلية لا تستحق سوى الإبادة .
يرى الحوثيون أن التركيبة البيولوجية للبشر لا تتغير وأنها متجذرة في الإرث البيولوجي وثابتة طوال الوقت ومحصنة ضد أي تغيير . من هذا المنطلق هم السادة وأنتم العبيد . ولم يأت رفض تزويج بناتهم من أبناء القبائل إلا تأكيدا على عدم تغيير السمات الموروثة التي يحملونها . كانت الجمهورية قد كسرت هذا الحاجز إلى حد ما ، لكنه عاد بعودة الحوثي . من وجهة نظر الحوثيين أن القيمة العليا للإنسان لا تكمن في شخصه ، بل في نسبه .
أنتم تتحدثون عن سلام مع جماعة تعتبر الحفاظ على نقاء الجنس مهم ، وتعتبر الاختلاط بالآخرين يؤدي إلى فساد وانحطاط السلالة ويفقدها خصائصها المميزة . تتحدثون عن جماعة تؤمن بفكرة التسلسل الهرمي للأجناس ، فالناس ليسوا متساويين . تتحدثون عن جماعة تعتقد أن الجنس الهاشمي منح هبات وعطايا تفوق بقية الناس الآخرين .
تتحدثون عن جماعة لم نسمع حتى الآن موقفا ضد ممارساتها من داخل الفكرة الهاشمية . تتحدثون عن جماعة تستثمر في الغرائز الطائفية . تتحدثون عن جماعة خلافنا معها ليس على السلطة ، بل على هوية البلد . خلافنا معها ليس على أمريكا ، بل على اليمن .
لطالما خضنا حوارات ومعارك فكرية ضد العنصرية والطائفية بكافة أشكالها ، ولطالما دافعنا عن الهاشميين غير الحوثيين وغير المؤمنين بفكرة الوصاية والولاية ، ودعونا لعدم تحميلهم جرائم الحوثي ، وانتقدنا الدعوة إلى تشكيل الأقيال وهو نهج وسياسة ومواقف صحيحة سنستمر في انتهاجها . ولكن من حقنا أن نسأل ونتساءل عن المواقف والجهود والفاعلية التي يبذلها الهاشميون تجاه ممارسات الحوثي العنصرية والإجرامية .
إذا كنا نشاركهم معاركهم في الدفاع عن الهاشمية كمسمى يشبه مسمى حاشد وبكيل ضد أي دعوات عنصرية تزدريهم أو تجمعهم مع الحوثي ، فمن حقنا أن نتساءل عن حجم وجدية مشاركتهم لنا في معركتنا ضد هذه الجماعة المجرمة العنصرية الإرهابية التي تقدم نفسها بصفتها وصية علينا من الله . هل سمعتم هاشمي كتب أو اعترض على اعتقال المئات من النساء الحرائر ورميهن في سجون هذه العصابة ؟
من حقنا أن نحاسبهم ونسألهم ماذا يفعلون في القضايا التالية تحديدا :
١. رأيهم في مسألة الاصطفاء .
٢. رأيهم في الجرائم التي ترتكبها عصابة الحوثي .
٣. هل الحوثي يمثل الهاشميين ؟ .
٤. لماذا لم تظهر أية حركة هاشمية ضد الحوثي لا على المستوى الفردي ولا الجماعي ؟.
فهل يدرك دعاة السلام مع الحوثيين أنه لا توجد أية إمكانية للسلام معهم ، وأن القانون الوحيد الذي يمكن معاملتهم به هو البندقية ، وهو الذي سيحل المشكلة ، لأنها جماعة تأسست على القتل وبقاؤها مرهون بمنطق القوة . وهذه القوة نحن من يمدهم بها . إنهم يبطشون بأيدينا ويحاربون بأبنائنا وما دون ذلك فهم كالعنكبوت وأوهى من بيتها .
ومع ذلك نقول لمن مازال يعتقد أنه بالإمكان صناعة سلام مع هذه العصابة ، عليكم أن تقنعوها بأن تنزل من السماء لتعيش معنا في الأرض وفق ما توصلت إليه البشرية من نظام الحكم ، أو توجهوا بنادقكم إلى صدورها مرددين قول الله تعالى : "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ". حينها ستسقط هذه العصابة وستعاملها الدولة وفق دستورها الذي يساوي بين المواطنين جميعا .