انطلق أمس مؤتمر المانحين لليمن بمشاركة أكثر من ١٢٦ جهة، دول ومنظمات حكومية وغير حكومية، بدعوة من المملكة وبتنظيمها وإشرافها ورعايتها، كمبادرة جديدة من المبادرات المستمرة للمملكة تجاه اليمن منذ بداية أزمته الراهنة، وبالعودة إلى أرقام المساعدات العينية والمادية التي تم تقديمها من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وغيره من الجهات سنتبين ضخامتها وتدفقها المتواصل، ولكن رغم ذلك فإن الشعب اليمني الذي يواجه معاناة كارثية لم يستفد منها كما يجب.
الأسباب التي تحول دون الاستفادة معروفة وواضحة، وهي بلطجة الميليشيا الحوثية وقيامها بنهب المساعدات، وتراخي الإشراف الأممي عليها، بل وتغاضيه عن ممارسات الحوثيين، إن لم يكن تسهيله لنهبها علناً، وتتمثل المشكلة الثالثة في عدم فاعلية حكومة الشرعية اليمنية لضمان الاستفادة من المساعدات، وطالما هذا هو الوضع القائم فلا بد من طرح سؤال مهم هو كيف يمكن للشعب اليمني الاستفادة الفعلية من مساعدات مؤتمر المانحين ومنع العبث بها وتحويل مسارها إلى اللصوص والمرتزقة والسماسرة؟.
سيكون نوعاً من العبث لو تم الاعتماد التام من جديد على حكومة الشرعية لتفعيل هذه المنح والمساعدات لأنها غير موجودة في اليمن، ومناديبها هناك غير فاعلين مع وجود شبهات كبيرة حول أدائهم العسكري والإداري والإنساني، أما الإشراف الأممي على القضية اليمنية بكل جوانبها فهو غير نزيه وقد شاهدنا وقوفه متفرجاً وأحياناً داعماً للحوثيين في اختراقاتهم لكل فرص الحلول السلمية، واستيلائهم على المساعدات.
من ذلك يصبح ضرورياً على الدول المانحة وفي مقدمتها المملكة البحث عن آلية جديدة لضمان استفادة الشعب اليمني من المساعدات، هذا الشعب المنكوب الذي تضافرت على نكبته ميليشيا همجية بدائية، ومجتمع دولي متراخ ومنظمة أممية مشبوهة الأداء، وحكومة شرعية لا تملك من الحكم إلا المسمى.
*نقلاً عن عكاظ