أثارت المواجهات الأخيرة في أبين بين مليشيا الانتقالي والشرعية الكثير من التكهنات وصلت إلى حد الاتهام لطارق صالح قائد حراس الجمهورية بالمشاركة في هذه المواجهات إلى جانب مليشيا الانتقالي.
وسرعان ما جاء الرد من المتحدث الرسمي باسم حراس الجمهورية بالنفي ليس فقط فيما يجري في أبين وعدن بل في كل المناطق المحررة . ولكي يقطع الشك باليقين ، قال إن مفتاح الحل في اليمن هو تحرير صنعاء.
يدرك حراس الجمهورية أن الخروج عن الشرعية المعترف بها دوليا يشكل تهديدا آنيا واستراتيجيا بعيد المدى ويسهم في تعميق الانفصال ويخلق فئات وأطراف ذات مصلحة في استمرار الانقسام ، مما قد يجعل من الصعب استعادة الدولة. والانتقالي ليس فصيلا سياسيا يخضع لقاعدة الاختلاف في إطار الوحدة ، بل أصبح يهدد حتى الهوية الوطنية برفعه شعار الجنوب العربي بدلا عن اليمن .
أقول بوضوح إن طارق صالح يدرك أن الصراع بين الانتقالي والشرعية لا يدور حول إيجاد أفضل استراتيجية لحل الأزمة اليمنية وإنما حول السلطة .
ولذلك فإن هذا الصراع يعزز من قوة الحوثي عدو الجميع . ولا يخفى على قائد حراس الجمهورية أننا مازلنا في مرحلة الكفاح لاستعادة الدولة التي اختطفها الحوثي ، وليس من مصلحة أحد أن ينغمس في صراعات على سلطة غير موجودة بالمعنى الكامل للكلمة .
ولست بحاجة للقول إن طارق صالح يدرك أن المجتمع الدولي يعتبر الشرعية ممثلة لكل اليمن . ويدرك أن المطالبين بالانفصال غير قادرين على إدارة الدولة وأن الجنوب لا ينقصه الصراع على السلطة بل ينقصه التنمية والاستقرار.
ما يمكن قوله إن حراس الجمهورية لا يمكن أن يكونوا بندقية للإيجار . فهذا الفصيل من القوات المسلحة مكمل للجيش الوطني ولا يتعارض معه ، فمعركتهم مع الحوثي ومع كل من يقف في وجه استعادة الدولة . المطلوب استيعاب حراس الجمهورية في إطار الجيش الوطني بصيغة جديدة تضمن توزيع فائض القوة بين الجميع وإنجاز هدف استعادة الدولة وهو الهدف الذي يرفعه الجميع بما في ذلك تحالف دعم الشرعية .
لا يجوز بأي حال من الأحوال تشكيل وحدات عسكرية متعددة الولاءات والمرجعيات . يجب عدم احتكار الشرعية في إطار ضيق لأن ذلك يعزز من التدخل الخارجي .
وفي الأخير يمكن القول إن وضع حد للخلاف بين الانتقالي والشرعية ، لن يتم بالمناشدة الأخلاقية ، ولا من خلال كشف مستوى الأخطار والكوارث المترتبة على استمرار الانقسام ، بل من خلال رؤية واقعية لحقيقة وجذور هذا الانقسام ، لأن القاعدة الطبية تصلح هنا في معالجة هذا المرض ، من خلال المقولة التي تؤكد أن التشخيص السليم للمرض يساوي نصف العلاج .
الخلاف القائم بين الانتقالي والشرعية ، بالإضافة إلى أنه صراع مناطقي ، هو صراع إقليمي تصدره الإمارات العربية المتحدة بسبب خلافها مع دولة قطر . وتريد تصفية حساباتها مع قطر من خلال حزب الإصلاح بصورة عجيبة ومثيرة للاهتمام .
وفي ظل استمرار معاداة الإمارات لحزب الإصلاح سيصعب لجم الانتقالي ودمجه في إطار الشرعية أو جعله يقبل باتفاق الرياض . وعلى هذا الأساس فإن خارطة الصراع واضحة أمام حراس الجمهورية وأمام طارق صالح ، فهم لا يملكون رفاهية الاقتتال مع الشرعية ، لأن ذلك لن يكون إلا في صالح مليشيا الحوثي وخصما من رصيد الجمهورية والوحدة والسيادة الوطنية .