تناول الدكتور عبدالعزيز المقالح لعبارة " العيب الأسود" باستفاضة رائعة تنُم عن الأصالة والبراعة عند الكُتَّاب الكبار في تناول القضايا التي تهم المجتمع وتخص الذوق العام وما يتهدد المجتمع من تدني القيم والانحطاط في التعاطي مع قضايا الوطن، ومع روعة التناولة غير أنه عرَّج بعيداً عن المعايب السوداء التي ارتكبها حمقاء السياسة في اليمن إلى الحد الذي فاقت حماقاتهم وزلاتهم المعنى الواضح لتلك العبارة. كانت القبائل مع بدائية تفكيرها وهشاشة صدقها تستعمل تلك العبارة عندما يحل بها الغدر أو تنتهك حرمات العرف في صراعاتها البينية، إلا أنه يغيب العيب كليةً بكل ألوانه ومعانيه عندما يُرتكب من الأعلى إلى الأسفل ومن رموز القوم. اغتيال الحمدي غدراً في بيت صديقه الحميم وهو مدعو للغداء مطمئنٌ للدعوة واثقاً بأصحابها لم يدخل في اعتبارات العيب الأسود عند أصحابه، ولم يُلصق العيب بفاعليه الذين تولوا رآسة الجمهورية وسادوا على كل أصحاب المقولات السود وحاملي شعارات العرف الهزيل. بل انكبوا طاعةً لهم ذليلين على عتبات أبوابهم دبَّجوا لهم المدائح وسطَّروا الثناء كتباً وقصائد تعظيماً لمكارمهم المصطنعة وإخلاصهم للوطن الزائف ووفاءً للوعود وقَسَم الحفاظ على الثورة والجمهورية الذي قطعوه على أنفسهم في الحفاظ على الثورة والجمهورية وأهدافها الذي نكثوا به في آخر الفلم الماسخ. بينما التنكُب لكل تلك المبادئ ونقض العهود والمواثيق تتوالى منهم تترا وتسقط مع أول تحريك مشاعر المصلحة الشخصية عن طريق المال وسيلان لعاب ومرتكب جريمة العيب الأسود مع أول لمعان كيس يحمل بداخله النقود. لم يحضر مبدأ العيب الأسود عند قبائل الغدر بالوطن ولم يتوانى جمعُهم عن بيع دماء الثورة والجمهورية وإسقاط الدولة بأثمانٍ بخسة، سينتهي الجهل وسيبقى الغدر والعيب الأسود يلوِّنُ تاريخهم بكل ألوان العيب والتنكر لجميل الثورة وثوارها. هزيلةٌ هي تلك المقولات والشعارات وباتت مستهلكة وضحلة، كضحالة أصحابها تدنت كتدنيهم وفقدت معانيها كما فقدو ثقة الناس بها وبهم تنكَّسَ أصحابها أمام تعلق الناس يوماً بنُهاهُم ووعودهم في بناء الوطن والحفاظ على مكاسبه وعطر دمائه الزكية وشبابه المخلص. ومن ثَم لن ترسو بنا سفن الكفاح ما لم يرتقِ الناس بمفاهيم أهمية الدولة وسيادة القانون وتجاوز مفاهيم التكبر والعرف المصطنع والأحقيات الزائفة بالتسيُد والاصطفاء من قبل السلالات وعكفتها من رعاع القبائل وشذاذ الأفاق من كل بقعة في أراضي اليمن.