للتذكير، لم تُسيطر مليشيات إيران على صنعاء إلا بخيانات داخلية، وبدعم مالي وسياسي، تدفق من عاصمة خليجية.
اِستبشر اليمنيون خيراً بإنطلاق عاصفة الحزم، على أمل أنها ستمثل خاتمة لتراجيديا معاناتهم، وإنهاءً لمشاريع إيران ومليشياتها العنصرية في بلادهم. إلا أنه وبعد مرور خمس سنوات، تلاشت الآمال وتعفنت الجراح؛ وحل بمنازلهم الجوع والفقر والمرض والتشرد والنزوح والقهر والمعاناة، في حين سمِنت المليشيات، وازدادت قوة. كنا وخلال السنوات الماضية ندافع عن سياسات التحالف، حلوها ومُرها، بحُسن نية، وعلى أمل الخلاص من المليشيات، إلا أننا صحونا ذات صباح، لنجد أن الإمارات قد ذهبت إلى تلويث كل ماليس له صله بإيران وبالحوثيين، فوجدنا أنها قد عبثت بأمتعة وممتلكات وآمال وتطلعات اليمنيين؛ فمثلاً:
(1) أقدمت الإمارات على تجنيد مليشيات مناطقية، في كل مدن وقرى جنوب اليمن، الأمر الذي دفع بتلك المنطقة إلى هاوية الحروب والصراعات الداخلية. (2) تم منع رئيس جمهورية اليمن وحكومته من العودة إلى المناطق المحررة، وتم منعهم من مزاولة أعمالهم. (3) قاموا بتوقيف وإغلاق موانئ ومطارات اليمن، وعملوا على منع تصدير النفط والغاز والمنتجات الزراعية والسمكية، الأمر الذي تسبب في دفع الشعب اليمني إلى متاهات الفقر والجوع والمرض والبطالة. (5) قامت الإمارات بتشجيع ودعم كل ماله صله بتقسيم وتجزئة وإضعاف اليمن. (6) قامت الإمارات بمحاولة إلحاق جزيرة سقطرى بممتلكاتها، بجرأة أذهلت حتى ملالي إيران؛ وتحولت إلى دولة محتلة تنهب خيرات اليمن وتستهدف جيشه ومقدراته. ماعملته الإمارات بالأمس وماتعمله اليوم في اليمن لهو أشدّ وأسوأ من لؤم وخبث وإرهاب وحقد ملالي إيران. فعلاً مثل ذلك العبث صدمة للجميع.
أكبر مشروع اِقتصادي تمتلكه اليمن هو مشروع غاز مأرب، والذي تديره شركة توتال الفرنسية، ويُصدر من ميناء بلحاف بشبوة، واليوم وصلتني معلومة خطيرة من دبلوماسي غربي، مفادها أن شركة توتال على مقربة من إعلان تخليها عن المشروع، بسبب عجزها عن مواصلة العمل، نتيجة الأعمال التخريبية المُوجهة من دولة الإمارات؛ الأمر الذي سيدفع بالشركات والبنوك الممولة للمشروع لعرض حصصهم للبيع، لتتقدم حينئذ شركة جاهزة لشراء تلك الحصص، وتلك الشركة ماهي إلا شركة مبادلة للتنمية التابعة للشيخ محمد بن زايد، وهذا يفسر لنا سبب اِستماتة مليشيات الإمارات(الإنتقالي) على السيطرة على شبوة.
سياسات وأعمال الشيخ محمد بن زايد في المنطقة العربية أصبحت للأسف تشبه حركات القنفذ!.. سياسات قنفذية أدّمت معظم الدول العربية. المملكة العربية السعودية هي أكثر دولة تعرف وتعلم ماهية وأهداف ومرامي وغايات تلك السياسات القنفذية، ولذا تعمدت وبصمت ترك القنفذ يذهب إلى أبعد نقطة في المستنقع. المليشيات القنفذية الجرارة التي ظلت الإمارات تبنيها وتدربها وتسلحها في جنوب اليمن لأربعة أعوام _ لتكون أداتها في جنوب اليمن وفي غرب عُمان_ تبخرت في سبع ساعات وأربع دقائق أمام ضربات ثلاث كتائب، كلفها الرئيس هادي بملاحقة وطرد تلك القنافذ الخارجة عن القانون، ليأتي دور السعودية لتتفرغ لنزع أشواك القنفذ من الجسد اليمني، شوكة شوكة، بهدوء وتروي وتبصر وتعقل، عبر جمعها لجميع خيوط اللعبة بيدها؛ وبالطبع فإن نزع الأشواك يؤلم أكثر من غرزها.
منطقة شبه الجزيرة العربية تشبه هرم عظيم، له ثلاثة أركان، الركن الأول يتمثل في السعودية والثاني في اليمن والثالث في عُمان، دول عربية لها ثقل سكاني وجغرافي كبير، وتمتلك إرث تاريخي وحضاري وعروبي وإسلامي وقيّمي وأخلاقي عظيم، وهذه الدول العربية هي القادرة على الحفاظ على الأمن القومي للمنطقة، مع عدم إغفال دور ومكانة حكيم الكويت وأميرها الشيخ/ صباح الأحمد الجابر الصباح. حتى قطر يجب اِعادتها إلى البيت العربي بعد أن أضطرتها السياسات القنفذية إلى الذهاب الى إيران لإستمداد الهواء والماء والغذاء والدواء وحليب الأطفال، والذي مُنع عنها، وهي التي اِنتصرت أخلاقياً وسياسياً ودبلوماسياً وشعبياً على السياسات القنفذية لأبوظبي؛ وفي 2022م ستتحول إلى دولة عالمية التأثير، في حين ستصبح أبوظبي منبوذة عربياً، وعديمة التأثير والثقة عالمياً، نتيجة لجرائمها وسياساتها الطائشة.
سنظل غير راضون عن إدارة الرئيس هادي لكثير من الملفات، ولأداء كثير من رجالات دولته، إلا أن وقوفه وصلابته في وجه ضغوط وألاعيب القنفذ قد جنب اليمن التفريط في وحدة بلده، وتمكن الرئيس من إفشال محاولات الإمارات بالاستيلاء على جزر وموانئ اليمن، واختطاف قراره وسيادته؛ ويُحسب للرئيس أنه لم يرضخ لترغيب وترهيب بن زايد، بالرغم أنه كُبل وحُوصر ومُنع من الحركة ومن ممارسة مهامه ووظائفه.
أخيراً أقولها لله ثم للوطن وللتاريخ، إذا لم تنجح الجهود الحالية والأخيرة للمملكة العربية السعودية في اِستعادة الدولة اليمنية، فخير لنا ولمصلحة الشعب اليمني إعلان اِستسلامنا، والمسارعة بإيقاف الحرب، وترك اليمن لسيطرة الحوثه( وهم يمنيين من أصول فارسية وقُرشية حسب قولهم) بدون شرعنة لوجودهم، إلى أن يأتي قيّل من أقيال اليمن ليُخلص البلد من تلك القيود والألغام العنصرية والطائفية؛ وسيكون هذا خيرٌ من ترك اليمن رهينة لسياسات وأحقاد قنفذية، ولحروب لا أُفق لنهايتها.
ترك اليمن رهينة لحالة اللاحرب واللاسلم هو وضع قاتل ومدمر للآمال أكثر بكثير من الحرب.. نسأل الله العون والثبات لشعب اليمن المظلوم.