ليس الشيعة من ينتظرون المهدي فقط ؟؟!! بل قد وجد لدينا من ترك ميادين الجهاد، و النضال، و التربية، وتخلى عن واجبه تجاه وطنه ، و تسابقوا لمكة المكرمة انتظارا للمهدي الذي لم يأمرنا الله بانتظاره ، بل أمرنا النبي صلى الله عليه و سلم أن نغرس فسيلة النخل إن كانت بأيدينا بعد قيام الساعة .
ولأنهم منتظرون للمهدي فقد تجاوزوا الواقع المحلي الوطني هروبا، و أنشأوا قروبات واتس ، و مواقع تواصل إجتماعي، و مجالس يتبادلون فيها نصوص من قرآن و سنة و يسقطوها على الواقع، و ينظروا فكريا للخلافة الإسلامية التي هي غاية كل مسلم يؤمن بأن(هذه أمتكم أمة واحدة ) و يظنون انهم بذلك يحسنون صنعا ، و الحقيقة أنهم يعيشون خارج نطاق الزمن الذي نعيشه .
و آخرون مغرومون أذيالا للعلمانية و العولمة ، مستوردون أسوأ ما فيهما، مصدقون كذبة الغرب علينا أن العالم أصبح قرية واحدة ولا يوجد خصوصية للأوطان و البلدان و الشعوب ، بينما ذلك الغرب العنصري: يحتكر الامتيازات المادية الهائلة على حساب مليارات من البشر لصالح شعوبه و مواطنيه .
هؤلاء و أولئك تجاوزوا المشروع الوطني و تركوا الشعب يعاني القهر و الكبت و الجوع و الظلم و التخلف ، و لم يكتفوا بذلك ، بل شغلوا العاملين في الحقل الوطني بالتصنيف و التشكيك وأقاموا معارك عبثية حول جدلية الإسلام السياسي و سيطرته، و خطورة الغرب و غطرسته ، و تخلوا عن الشعب و دولته و جمهوريته و وحدته .
وهذا يمول إقليميا ليبني مركزا للسنة بمحاربة الاعتدال و الوسطية ، وتماهيه مع الحركة الحوثية. و ذاك يمول أمميا و إقليميا لمنظمة أو مؤسسة تتعارض مع المصلحة الوطنية ، او دعم لميلشياتيه الطائفية والجهوية، و الكل ليسوا سوى مشاريع هدم وادوات إرتهان للخارج .
نحن كيمنيين لا نختلف على الإسلام أبدا ونحن سنة بالأصل قبل دخول الرسيين ، و شعبنا متدين بمجمله منذ القدم :إلا من شذاذ كعلي البخيتي و غيره من المسوخ القلائل الذين تشربوا الإنحراف و التنكر لعقيدة الشعب و هويته في محاضن السلالة الكهنوتية و منظماتها المشبوهة الملغمة بالسلاليين منذ ثلاثين عاما، فهم يخرجون من خلف كل ستار و تحت أكثر من لافتة، و هم ...هم... ليس سواهم .....
إنما يحتاجه اليمنيون اليوم هو قيام دولة وطنية تصلح حاضرهم، و تنقذ مستقبلهم ، معبرة عن تاريخهم وأمجادهم .....
يجب أن نصب جهودنا و مشاعرنا و توعيتنا وأدبنا وشعرنا وفننا و ثقافتنا : نحو إقامة الدولة الوطنية الاتحادية كخطوة قبلية ومهمة قبل كيان الخلافة العربية الإسلامية العامة .
ثم إن شكل الخلافة الإسلامية القادمة لن تكون بنفس الشكل الموجود في أذهاننا، حيث يكون الخليفة هو مركز الحكم، و يدار العالم الإسلامي بحكم مركزي فهذا مستبعد تماما .
إذا كان المتاح لدينا اليوم في شكل الدولة هو الأقاليم و الدولة الإتحادية في اليمن ، فما بالكم بخلافة على مستوى العالم الإسلامي.
لذلك توقعي أن يسبق قيام الخلافة قيام دول قطرية بجانب تركيا و ماليزيا و تونس، وغيرها، وبعد عشر سنوات الى خمسة عشر عاما ستنشأ تحالفات اقتصادية ضخمة ، و تعاون عسكري و أمني و سياسي واسع :على شكل مشاريع وتحالفات و روابط تضم بعض أو أغلب الدول الوطنية القطرية في العالم العربي و الإسلامي ، و ستفضي المرحلة السابقة كما يبدوا إلى اتحاد عربي إسلامي حقيقي يراعى فيه خصوصية الأقطار المختلفة، كلا على حدة شبيها بالاتحاد الأوروبي لحد كبير .
إن كارثة الهلامية و العمومية في الفكر، والرؤى ، و التحليل، بما يتعلق بالعبور إلى واقع و مستقبل الخلافة الإسلامية : لا تورث سوى أماني خادعة ، و انعكاسات نفسية سلبية محبطة: عند مواجهة التحديات الماثلة أمامنا ، فنصاب بالإحباط، و يسود العجز، و يفشو التلاوم و التذمر ، لأن المثالية المنطلقة من عواطف جياشة: محدودة الوعي، قليلة الخبرة ، تورث فرحا و زهوا بنصر مرحلي صغير ، كما تتسبب في أسى و حزن مهلك عند أي مصيبة أو نكسة .
من هنا يجب أن نغادر إمعية التفكير و العواطف ، و نوطن أنفسنا، و نعيش واقعنا ، و لا نقفز عليه . ينبغي أن نعيش اللحظة: من حيث الجد و الاجتهاد و المثابرة و الخصوصية المحلية الوطنية: في البناء و التوجيه و التنمية و النهضة .
ثم بعد ذلك لتتجاوز رؤانا و أحلامنا و نحن في ميادين العمل و البناء آماد الزمان و آفاق المكان .
لنرى بعد ذلك من وراء أحزاب تكالبت علينا ما وعدنا الله و سعينا له من النصر و الفتح والتمكين ، و نتخيل أنا نقرأ على قصور المدائن بعد سقوط إيوان كسرى وزعامة أبي جهل مجددا ( كم تركوا من جنات و عيون $ و زروع و مقام كريم $ و نعمة كانوا فاكهين $ ،،،) . بعد غيابة الجب ، و افتراء نسوة المدينة ، و كيد امرأة العزيز ، و قضبان السجن ، و و حشية الجلاد، و التربع على خزائن الأرض، يقول: من اساء في حقنا (تالله لقد آثرك الله علينا و إن كنا لخاطئين) .
ونتمثل بعد ذلك قول يوسف الصديق عليه السلام ، و قد خضعت لنا عروش الدنيا ، ودان لنا سلاطينها، نحن أو جيل يلينا عزما و إباء و إصرارا على تحقيق وعدالله تعالى لعباده الصالحين بوراثة الأرض ، و نردد ( يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا ) . حينها سيرى فرعون الاستبداد، وهامان الارتهان ، و قارون البغي ، وميليشياتهم و أحزمتهم الآثمة ، سيرون منا ما كانوا يحذرون.
أخيرا و عودا على بدء ،،،، اليمن منطلقنا ، وواجب الوقت أن نقيم دولتنا الوطنية الإتحادية ، إذ لا خيار لدينا للعبور لمستقبل اليمن المنشود،،،،،، إلا بالعبور إلى الدولة الوطنية الإتحادية، و العبور إليها فقط، وما سوى ذلك أحلام و اماني و كاذبة خاطئة، لن نجد بها سوى السراب .
سنبني اليمن الاتحادي ، و نشيد قلاع العز الشامخة ، سنبني ما هدم اعداء اليمن و الدولة : المتمثل بثالوث العداء المزمن لليمن، الإمامة و الإماميون، الاستبداد و المستبدون، و الاستعمار و المستعمرون .
1/1/2020م مأرب الحضارة والتاريخ.