كل الذين يحملون فطرة سليمة يعلمون علم اليقين أن المؤتمر والإصلاح هما قطبي الرحا في العملية السياسية في اليمن . لكن الذين يحملون بين جنباتهم قلوبا فاسدة مليئة بقيح الكراهية يوسعون الهوة بين الطرفين .
والسؤال الذي يطرح نفسه : ماذا لو وقف الإصلاحيون والمؤتمريون ورددوا بصوت واحد ، أخطأنا وأخطأتم ، دفعنا الثمن ودفعتم . علينا أن نفتح قلوبنا ونصفي ذاكرتنا ليس لننسى ، لكن لنتصالح مع أنفسنا .
ليس من خيار أمام أصحاب الفطرة السليمة سوى تصحيح التاريخ وتنقية الذاكرة وصولا إلى المصالحة ، فلا مصالحة حقيقية إلا بعد الاعتراف المتبادل بالخطأ أو بالإساءة . هناك من يتوسل الذاكرة لتعبئة الأنصار وتأجيج الكراهية .
علينا أن نتسامح ونترفع عن مشاعر الكراهية والانتقام . قواعد الطرفين تعيش المعاناة ، لذلك وجب علينا أن نتصالح . هناك حاجة ماسة اليوم ، نظرا لاستمرار هذه الحرب الملعونة لمناقشة ممارسة الإقرار والمسامحة وتكريسها كمبادئ إسلامية للرفاه البشري .
عند مقارنة الأضرار السياسية التي لحقت باليمنيين منذ بدء الخلاف بين المؤتمر والإصلاح حتى اليوم قد نجدها لا تقل أهمية وتأثير عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة إنقلاب الحوثي على السلطة وتقطيع أوصال الوطن .
لماذا لا يتعاون الجميع في كافة المجالات: بدءا من الاقتصاد والعدل والرعاية الاجتماعية وانتهاء بالعسكر وصولا إلى المواطنة المشتركة . على المؤتمر والإصلاح ألا ينظر أحدهما إلى الآخر على أنه جالية ولا مغتربين . لابد لكل طرف أن يكون مستقيما مع نفسه .
هذه دعوة للتسامح والمصالحة ، يجب على كل الذين يحرصون على دماء الناس وعلى مستقبل الأجيال أن يحولوها إلى فعل ويجعلون لعنة الله على كل قيادي من أي طرف كان يرفض التسامح والمصالحة . إذا لم تسارع القيادات إلى المصالحة ، فلتبدأ بها القواعد والأعضاء . لابد من بناء علاقة بناءة بين الطرفين ، تستجيب هذه العلاقة لتطلعات الشعب اليمني في بناء الدولة وحفظ سيادة اليمن وتأمين حياة كريمة .
علينا ألا ننقل الصراع الإقليمي إلى قضيتنا الوطنية ، فنحن لسنا معنيين بصراع الدوحة مع أبو ظبي . وليس مطلوب منا معاداة الدوحة أو أبو ظبي . علينا أن نبني علاقاتنا معهما أو مع غيرهما بما يتناسب مع مصلحتنا الوطنية .
أخيرا وليس آخر علي أن أهمس في آذان المؤتمريين الذين صدقوا أن الإصلاح يتلاعب بجبهة نهم ، أو يصدقوا أن التأخير في تحرير صنعاء أو تعز خوفا من سيطرة الإصلاح . فإذا كان الأمر كذلك ، فلماذا لم تحرر الحديدة وهي بيد قوات موالية لأصحاب هذه المقولة .
أيها الإصلاحيون.. أيها المؤتمريون ، استثمروا في الإنسان وخذوا منه ما يدهش العالم . لماذا تصرون على قتله ؟ كل من يحب اليمن ويريد مستقبل آمن لأبنائه ويريد تكريس المبادئ الإسلامية لرفاه اليمنيين ، عليه أن يتحول إلى داعية وينضم إلى قائمة المنادين بالمصالحة بين المؤتمر والإصلاح .