شكل حزبي المؤتمر والإصلاح ثنائي الاستقرار في اليمن. خلال فترة التسعينيات من القرن الماضي روض الإصلاح في العمل السياسي وحد من الحسابات الإيديولوجية. لكنه في العام ٢٠١١ عاد إلى الحسابات الإيديولوجية التي أجتاحت المنطقة العربية ونأى بنفسه بعيدا عن العمل السياسي. ومنذ ذلك الحين وكرة الكراهية تتدحرج بين الطرفين.
ونتيجة لذلك فنحن ندعو الطرفين وتحديدا القيادات الشابة منهم إلى التعايش والتآخي سياسيا والعمل معا من أجل صياغة مستقبل آمن ومستقر يخدم الجميع وعلى قاعدة الوطن للجميع، نحرره معا ونبنيه معا.
نريد أن نحافظ على الحد الأدنى من توازن العلاقة، وأن نبقي شعرة معاوية قائمة بين الطرفين، لنتمكن من مد جسور التفاهم والتواصل وفتح الأبواب للتشاور والحوار وتنسيق الخطوات لكل ما يخدم مصالح الوطن العليا. لنبدأ كل في منطقته يخلق حوارا بين قواعد المؤتمر والإصلاح دون الرجوع لتلك القيادات التي شاخت وأصبحت عاجزة عن إعادة العلاقة إلى وضعها الطبيعي.
علينا أن نتجاوز تلك النفوس التي تحركها الأحقاد وثارات الماضي وتلك التي تعبث بمشهد الاستقرار والتفاهم وجر الطرفين إلى ساحة إعلامية تحريضية مستفزة. لابد من تجاوز المعارك الجانبية والانتصار للأفكار وليس للأشخاص.
إن حجم التحريض وتائره عالية تخرج المرء أحيانا عن صوابه. والشباب وحدهم القادرون على وقف حالة الصراع والتدهور بين المؤتمر والإصلاح، خاصة وأن القيادات الحالية من الطرفين تبدو باهتة وعاجزة، كونها أخفقت في تحقيق أي تقارب على المستوى الوطني.
استمرار الصراع بين المؤتمر والإصلاح يعمل على إغراق سفينة الوطن في بحر الظلمات. وللأسف هناك من نجح في تسويق خطاب متطرف وعدواني وإلباس كل طرف ثوب الشيطان. فالمؤتمريون يحملون الإصلاحيين كل ما حل بالوطن من نكسات والإصلاحيون يحملون المؤتمريين كل ما حل بالوطن من خراب. والحقيقة أنه ليس كل الإصلاحيين مسؤولين عن الروح العدائية ولا كل المؤتمريين.
ولست بحاجة للقول إن بعض قيادات في الطرفين تركت باب الصراع مفتوحا، ولم تظهر حرصا كافيا على حسم الأمور واستتبابها. في الإصلاحيين الكثير من الخير بالإمكان التفاهم معهم، والمسألة تحتاج إلى حوار معهم والكثير من الخلافات مفتعلة وبالإمكان حلها على جلسة عشاء في حديث تسوده روح التآخي والصدق والمصارحة.
لقد دخلنا في متاهة سياسية روج لها إعلام الحزبين ولم يبق طهارة وطنية أو صورة نضالية لأحد. أنساق الكل خلف التحريض وغرق الجميع في الوحل. هناك انقسام بغيض ساعد على تشظي القضية الوطنية وأسهم في التشفي والكراهية وغياب صوت العقل والحكمة.
والرهان يقع على الشباب من الطرفين لقراءة المشهد المحلي والإقليمي والدولي والتعاطي مع الواقعية السياسية لإخراج اليمن من هذا المستنقع الآسن. وذلك لن يتأتى إلا بفتح حوار داخل كتلة الشباب أصحاب المصلحة الحقيقية في صناعة مستقبل آمن.