حقيقة ما يجري بغزة و فلسطين هو معركة أزلية بين مشروع حق يستمد قيمه و مبادئه من السماء (الحرية و الكرامة و العدالة و المساواة ) و بين مشروع عنصري سلالي استعلائي غاصب، يرى أن له حق على كل الناس، و أن البشر خلقوا مسخرين لخدمته ، يستمد قيمه ومبادئه من نزوات السيطرة و القهر للبشر، و من وحي الشيطان الرجيم ، و على رأس تلك القيم الشيطانية العنصرية التلذذ بمعاناة و أنين المظلومين، مصحوبة بتطبيل المسوخ الخائنة من كيانات الإستبداد المتهافتة على عرش اطماع الصهاينة ، و مسلخ جرائمهم في حق الإنسانية عموما و الطفولة خصوصا على أرض فلسطين المحتلة وغيرها بالوكالة .
و الحقيقة الأخرى هي أن السر في استمرار و تمادي المشروع الصهيوني السلالي العنصري: هو دعم و مساندة قوى إقليمية و دولية ظالمة محتكرة لقرار المؤسسات الدولية و الإقليمية، منذ وعد بلفور المشؤوم، و إلى اليوم في أرض فلسطين المحتلة . و هي، هي ذات القوى الساعية لتثبيت و دعم مشروع إيران الصفوي العنصري السلالي الآخر في قلب العالم العربي و الإسلامي و بلاد الحرمين المقدسة خاصة، وأقراوا كتاب / استهداف اهل السنة في الشرق الأوسط للباحث المسيحي اللبناني د نبيل خليفة ، صدر نهاية العام 2014م .
و إن مما يفسر ذلك بوضوح هو ذلك الخذلان المخزي لحق الشعوب في الحرية والكرامة والعدالة والمساواة ومن ثم التنمية والنهضة . كما أن تلك الحملة المسعورة التي تتبناها(غرفة عمليات الثورة المضادة بعواصم إقليمية و دعم دولي أمريكي أوروبي، ضد أحلام الأمة و تطلعاتها نحو الحرية و الكرامة و العدالة و المساواة و من ثم التنمية والنهضة )، حملة تلبس يافطة الإرهاب الفضفاضة، لمشاريع النهضة و التحرر العربي و الإسلامي .
و لم تسلم المقاومة الفلسطينية الشرعية في معركتها المقدسة ضد المشروع الصهيوني السلالي العنصري الغاصب من تلك التهمة الظالمة ، التي ليس لها تفسير سوى التمهيد للوقوف بجانب مشروع الصهيونية السلالي العنصري ضد مقاومة شرعية شريفة تكفلها قوانين ومواثيق الأمم المتحدة ضد عدو محتل، واجهت أيادي غرفة عمليات الثورة المضادة هذه المقاومة المنبثقة من رحم الشعوب العربية و الإسلامية و الحاملة لمشروع عزها و كرامتها و نهضتها .
كما وجهت غرفة الثورة المضادة الآثمة سهامها أيضا: للكيانات المواجهة لمشروع إيران الصفوي العنصري السلالي الآخر ، و قد طعنت المشاريع الوطنية التحررية بعدة أقطار من الخلف مرارا من أيادي غرفة الثورة المضادة الآثمة، و من يقف خلفها، و دعمت ظاهرة المليشيات السلالية العنصرية الصفوية عن طريق المنظمات الإنسانية و الحملات الإغاثية و طالما أنقذتها بدعوات التهدئة و الحوار لحظة تعرضها للهزيمة و الأنهيار أمام قوى التحرر الوطني بأقطار عدة . و كم تكشفت من أقنعة زيف كثيرة و سقطت هامات و كيانات هتفت للعروبة و الإسلام عقودا من الزمن، و لم تكن سوى أدوات قهر و كبت في أيادي قوى الهيمنة و الاستعمار ضد شعوبنا العربية والإسلامية .
و كم يأسف العاقل للفجور في الخصومة، إعلاميا، و سياسيا، و أمنيا، و عسكريا، و اقتصاديا، من قبل قوى الثورة المضادة، ضد قوى التحرير والتنوير والنهضة الوطنية في كل قطر عربي و إسلامي، و كم يشعر المرء بالأسى حين يرى مقدرات شعوبنا العربية و الإسلامية تنفق سفاحا لأجل هذه الغايات الدنيئة، و النزوات المنحرفة ، و الأعمال الإجرامية القذرة تجاه شعوبنا ، حتى و إن كانت تلك الأيادي الآثمة ستكتوي هي أولا و شعوبها أيضا بنار الفجور في الخصومة، و ما حماقة ملوك الطوائف بالأندلس عنا ببعيد .
أخيرا كل الرهانات ضد المشروع الوطني التحرري بكل قطر عربي و إسلامي مصيرها الفشل . لن تهزم إرادة الشعوب أبدا فهي من إرادة الله، كما أن خريف الإستبداد و الهيمنة و الإستعمار: أوراقه تتساقط، و جذوره المجتثة على طريق التحرر والنهضة ما لها من قرار ، و ما انتفاضة لبنان و العراق و معركة اليمن و سوريا ضد المشروع الإيراني الصفوي العنصري السلالي إلا امتداد طبيعي للمقاومة الفلسطينية المقدسة ضد المشروع الصهيوني السلالي العنصري الأول .
ما يلوح في الأفق حاليا، هو أننا نمضي نحو حطين جديدة بعد هزيمة الصفويين اليوم، كما هزم الفاطميون بالأمس .
و صلاح الدين الأيوبي اليوم، سيكون جيلا كاملا متمثلا في الربيع العربي الذي تجاوز كل الحدود و تعدى كل العوائق، بتعاظم ظاهرة الأحتجاجات السلمية الجبارة بزخم متصاعد: في السودان، و الجزائر، و لبنان، و العراق، بعد انقلاب مصر، و نكبة ليبيا، و مأساة سوريا ، مع شموخ و صمود الربيع اليمني الحميري الحضاري العظيم، الذي أصبح اليوم بفضل تعالى أولا، ثم برشد و وعي قيادي و شعبي،رأسي و أفقي متناغم، أصبح رقما صعبا في معادلة توازن محلي و إقليمي يصعب تجاوزه في أي حوار أو تسوية أو اتفاق أو حرب أو سلم . ربيع اليمن الاتحادي الذي لن يقف في وجه المشروع الصفوي العنصري السلالي المتأخر فقط ، بل إن له جولة و صولة مع المشروع الصهيوني السلالي العنصري المبكر ، مصداقا لقول الحق تبارك و تعالى في سورة الإسراء ( حتى إذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا) و لم يصف القرآن الكريم بالقوة و البأس الشديد سوى اليمنيين في سورة النمل .
ستهزم السلالية العنصرية بشقيها:. الصهيونية المبكرة، و الصفوية المتأخرة. ستنتصر قيم السماء، قيم الإنسانية (الحرية، الكرامة، العدالة، المساواة). و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . و إن غدا لناظره لقريب.