مهما حاولنا أن نتفاءل أو نتشاءم فإن ما سيحسم الأمور هو حجم التنازلات التي ستقدم المصلحة الوطنية على المصلحة الخاصة . ومثلما قلت إننا لا نستطيع أن نتفاءل أو نتشاءم ، أيضا يمكن القول إن هذا الاتفاق يجعل عدن أمام منعطف خطير ، فإما السير باتجاه الحل والمصالحة ، أو الانزلاق نحو الهاوية .
نحن أمام اتفاق يحمل بين سطوره عوامل نجاحه بنفس نسبة عوامل فشله . فنحن أمام طرفين أحدهما تمثل له الوحدة عوامل بقائه حتى وإن لم يكن وحدويا ، والآخر يمثل له الانفصال عوامل استمراره حتى وإن لم يكن انفصاليا .
ولست بحاجة للقول إن الاتفاق فيه مزايا وفيه مثالب . فسحب مليشيا الانتقالي ودمجها في مؤسسة الجيش والأمن يمثل مزية ، حيث يفقد الانتقالي السيطرة على الأفراد ويصبح ولاءهم لمؤسسة الراتب . أما المثلب في هذا الاتفاق يتمثل بعدم تحديد الهوية التي سيشارك فيها الانتقالي في المفاوضات القادمة ، هل سيشارك تحت علم الوحدة ، أم علم الانفصال ؟
كذلك المحاصصة بين أطراف كانت متصارعة ، قد يصعب السيطرة على إدارة الحكومة على الأرض . يظهر هذا الأمر واضحا في التناقض بين الحديث عن الدمج في مؤسستي الداخلية والجيش ، والحديث عن إبقاء لوائين عسكريين ، أحدهما تابع لمؤسسة الرئاسة والآخر تابع للانتقالي .
ماذا عن السعودية راعية الاتفاق ؟
يمثل هذا الاتفاق إختبارا حقيقيا للمملكة العربية السعودية في السيطرة على إنجاحه . وكما قلت في مقالة سابقة إن الملف اليمني أصبح موحدا بيد الأمير خالد بن سلمان ، بعدما كان مشتتا بين ثلاث جهات . لذلك تدرك المملكة أن العودة إلى ما قبل يوم الاتفاق سيكلف المملكة كثيرا .