مر عام منذ أن تم إقالة رئيس الوزراء السابق أحمد عبيد بن دغر، وإحالته للتحقيق، وتعيين معين عبدالملك الذي ينتمي إلى تعز بديلا له.
في ذلك الوقت دار الكثير من الجدل حول أسباب إقالته، وتعددت الروايات برغم أن الرئاسة أرجعت ذلك إلى أسباب عدة أبرزها، الإهمال الذي رافق أداء الحكومة تحديدا في المجال الخدمي والاقتصادي، وتعثر أداءها في تخفيف معاناة الشعب، وانهيار العملة.
مما لا شك فيه فإن الأوضاع المختلفة تدهورت خلال الحرب برغم تعاقب الحكومات، لكن الأسباب تلك تعيد إلى الأذهاب تكرار استخدام ورقة التدهور في الخدمات ضد الحكومة في الوقت الحالي في بعض المحافظات الجنوبية أو الشرقية.
وبالتأكيد لم يتغير الوضع كثيرا بعد إقالته برغم الجهود التي حدثت، لكن كان هناك بعض الدعم الاقتصادي لحكومة عبدالملك جعل الريال اليمني يشهد حالة استقرار طفيفة كل فترة وأخرى ثم يتدهور وهكذا، وهو ما يؤكد ارتباط الاقتصاد في اليمن بالسياسة بشكل كبير إذ يتم اللعب بهذا الملف بشكل مفرط زاد معاناة الناس.
قبل إقالته تحرك بن دغر بشكل واضح في بعض المحافظات التي مدت لها الإمارات نفوذها وبشدة وبدأت فيها بتحدي الحكومة صراحة كما حدث في سقطرى، كما بدأ كذلك المجلس الانتقالي بالصعود أكثر، فبدا وكأن لأبوظبي يدا في الضغط لإعفاء بن دغر من منصبه، وحل محله عبدالملك المقرب من السفير السعودي لدى اليمن.
حاولت القوات الحكومية آنذاك في سقطرى أن تثبت وجودها ولا ترضخ للتضييق الذي تعرضت له من قبل القوات الإماراتية في الجزيرة، ويُحسب ذلك الموقف لبن دغر الذي كان يرى أنه لا مبرر لعسكرة الجزيرة.
عموما لم تكن اليمن في أحسن حال في فترة رئاسة بن دغر للحكومة بسبب الفساد والمحسوبية التي تثقل كاهل البلاد طوال عقود من الزمن وحتى اليوم وغيرها من الأسباب، لكن ما وصل له الوضع اليوم يجعلنا نشعر بضياع اليمن بشكل أكبر بسبب ما يبدو لنا كأنه تقاسم نفوذ بين قطبي التحالف الإمارات والسعودية، قابله ضياع القضية الأساسية التي تدخل التحالف من أجلها في بلادنا.
وما يحدث اليوم أن الجميع يبتعدون عن ذلك الهدف وتتشظى اليمن بشكل أكبر، وندفع نحن الثمن باهظا، ونشاهد كل يوم كيف أن استمرار الوضع الضبابي هذا يمزق البلاد، ويشرد أهلها، ويفاقم معاناة اليمنيين مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي.
كلما زاد عمر الأزمة اليمنية شعرنا بحاجتنا كيمنيين أكثر لمسؤولين يحبون هذا البلد ويشعرون بمعاناة أهله، ويقدمون مصلحته على كل مصلحة أخرى لا تحقق له أي نفع.
وأظن أنه ما عاد ينبغي السكوت على ما يحدث اليوم ويجب حل ملف الأزمة قبل أن تكبر تداعياته كما نلاحظ اليوم، فلن يكتوي بنار الحرب الحالية التي نعلم جميعا لماذا تم الإعلان عنها في بداية العام 2015، بل ستكتوي بها دول محيطة باليمن ستتضاعف أزماتها مع استمرار عدم استقرار بلادنا الغنية بمختلف الثروات والتي جعلها ذلك محط أنظار الكثير من الدول التي يسيل لعابها لمجرد ذكر اسمها بسبب ما تمتلكه من مقومات وموقع استراتيجي، وكان يمكن لها أن تكون في المقدمة دوما لا كما يحدث الآن.
أما المواطن فلم يعد يهمه من المسؤول عن هذه البلاد ولا لأي أي حزب أو محافظة ينتمي، بقدر ما يهمه أن يقوم بمسؤولياته على أكمل وجه، ويحافظ على استقرار البلاد، ويوفر الحياة الكريمة لليمنيين، ويعمل على تأمين اليمن لعقود كثيرة وينزلها المكانة التي تستحقها وهذا الشعب الذي صبر أملا في مستقبل أفضل، وخرج داعما لبعض القيادات برغم الجوع الذي يعاني منه وأسرته.