خمس سنوات من الحرب الأهلية في اليمن لم تكن كافية لتحريك النخب السياسية. خمس سنوات وماكينة القتل والتدمير لم تتوقف . لم تحرك مستويات البؤس والفقر والتعاسة التي يعيش تحت وطأتها المواطن اليمني هذه النخب. حاولت مرارا أن أبحث عن مفتاح سحري يفتح لي سر هذه النخب التي تنتج المآزق والكوارث ولم أجد سوى مقولة الدكتور مصطفى حجازي سيكولوجية الإنسان المقهور التي تنطبق على هذه النخب ، أو الإخصاء الذهني. نخب سياسية تركت الوطن وراء ظهرها لعصابة الحوثي السلالية واكتفت بالعيش الهابط في مساكن جماعية عابرة للكرامة والحرية والاستقلال الذاتي. تحول هؤلاء من مناضلين سياسيين إلى مغردين ورجال أعمال واثرياء بالمال ولكنهم فقراء للكرامة. من غير المعقول أن تصمت هذه النخب كل هذا الوقت وتستكين للعيش الذي لا ترتضيه حتى المخلوقات غير العاقلة وتترك الوطن لجماعة عنصرية محملة بكل أحقاد التاريخ تعبث به كل هذه الفترة دون أن يتحرك لها ساكن. نحن أمام جثث سياسية متعفنة ركنت إلى مصالحها وغرقت في أنانيتها وانغلقت عن الواقع . نحن أمام جثث تعايشت مع مصالحها المتعفنة على حساب المصلحة الوطنية. وبسبب من ذلك يعيش المواطن اليمني حالة قرف وتقيؤ من هذه النخب وسلوكها المخزي وبعدها عن الخيار الديمقراطي. نحن أمام جثث تقبع أمام جثة تسمى الرئيس عجزت عن تحقيق الشرعية المؤسسية والشراكة الوطنية وتحقيق مصلحة الشعب. بسبب من ذلك أصبح كل شيء مهدد، النظام السياسي والمشروع الوطني والهوية والثورة والجمهورية . نحن مدفوعين وبمرارة أن نخرج في وضح النهار حاملين فانوسا سحريا نبحث عن نخب حية ذات كفاءة سياسية ومشاريع وطنية. من المخزي أن يتطابق اليساريون والقوميون والإسلاميون ويسلخون جلودهم ليصبحوا بلا أحاسيس تحركهم لتوحيد القوة في اقتلاع تلك العصابة الإرهابية التي تمثل بقايا طحالب التخلف الكوني. إنها نخب تعتقد أنها مازالت تمسك بمفاصل القيادة بينما الواقع قد تجاوزها وبدأ يتشكل واقع آخر بقيادات أخرى. نخب إنتهازية تجمدت ولم تعد قادرة على الإحساس بالزمن أو بالوطن. تحول هؤلاء إلى أعداء للعدل وأنصار للجور ، لادين لهم ولا وجدان ولا شرف. نحن أمام جثث سياسية متعفنة لا تعلم ولا تنتج ولا تفكر ، فقط تسرق وتحتال وتنشر القبح . كنا بالأمس نتكلم عن إنقلاب في صنعاء واليوم نتكلم عن إنقلاب في عدن . فهل نحن بالفعل جادين في الإبقاء على اليمن على خارطة العالم ، أم أننا نريد تحويل الوطن إلى جثة متعفنة تشبه جثث الساسة الذين يتحدثون باسم الوطن وهم يثخنونه بالجراح في كل لحظة ؟. *من حائط الكاتب على موقع "فيسبوك".