يتحاذق الحوثيون كثيرا، ويراوغون في وقت من المستحيل أن تنفعهم المراوغة، فالاتفاق الذي تم التوقيع عليه في 13 ديسمبر جاء كمحصلة لمشاورات التي بدورها جاءت لإيقاف عملية عسكرية جارية كادت القوات المشتركة بموجبها أن تستكمل السيطرة على الحديدة.
بمعنى آخر، أن الاتفاق جاء لتجنيب الحديدة الدمار والخراب، لا لإنقاذ الحوثيين كما يعتقدون هم، وبالتالي، لا قيمة لأي اتفاق لا يحقق مطلب الانسحاب وتسليم المدينة للحكومة الشرعية.
فالوضع الراهن هو سيطرة الحوثيين على المدينة وموانئها، وهو بالتأكيد وضع غير طبيعي، نتج عنه حرب طاحنة، وأزمة إنسانية في الحديدة وبقية المحافظات، وبالتالي، جاء اتفاق السويد لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، المتمثل في انسحاب المليشيات الحوثية من المدينة وموانئها، وتسليمها للطرف المعترف به من قبل العالم كطرف شرعي، وهذا التحرك الدولي، يفسّره أيضاً إلزام المنظمة الدولية للحكومة اليمنية بآلية دقيقة لتحصيل الإيرادات والالتزام بصرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحركة الحوثية..
يتعامل العالم مع الحوثيين، وخصوصا الأمم المتحدة كطرف متمرد، وهذا واضح في كل الأدبيات والتغطيات والتقارير، لا أحد يعترف بهم كسلطة شرعية، حتى إيران وحلفائها لا يجرؤون على وصف سلطة الحوثيين بأنها شرعية، بل يتعاولون معها بحذر، لأنهم يعلمون أن ذلك يخالف الأعراف الدبلوماسية، ففي الغد قد تظهر حركة متمردة في إيران، ويجري الاعتراف بها كطرف شرعي، وهذا ما لا تقبله.
حِذق الحوثيين يصل مرحلة الغباء والسذاجة، كونهم يعتقدون أن إجراءاتهم المخادعة ستنطلي على الحكومة والأمم المتحدة، كطرف مراقب ومشرف على انسحابهم.
فمن الواضح أن الحوثيين يرون في اتفاق السويد أنه فرصة لمنح أنفسهم وجودا شرعيا، من خلال منح مليشياتهم وجودا رسميا، عبر الجهاز الأمني، وكذا قوات خفر السواحل، وهذا بلا شك، لا يمكن أن يتحقق، ولا يمكن له أن يكون مقبولا لا داخليا ولا خارجيا.
يستنفذ الحوثيون صبر المجتمع الدولي فقط، وحينها لن يجد العالم أي حجة للحيلولة دون حسم المعركة من قبل القوات الحكومية والتحالف العربي.
فما لم يستطع الانقلابيون تحقيقه عبر الحرب، لا يمكن لهم أن يحققوه الاتفاقيات، بهذه الطريقة وبنظر الأمم المتحدة والعالم.