خرج وزير دفاع الولايات المتحدة الأمريكية جيم ماتيس، قبل يومين بما يمكن تسميته "خارطة طريق" جديدة لإنهاء الصراع في اليمن، وفق رؤية لم يتم التطرق لها سابقا، لكن من خلال طرح الوزير لها يتضح أنها طرحت بقوة على أطراف الصراع، وخصوصا التحالف والحكومة اليمنية.
ماتيس، قال خلال كلمته في مؤتمر البحرين للأمن، الذي عقد في المنامة السبت، إن الوقت قد حان لإنهاء الحرب في اليمن من خلال تسوية "يجري الإعداد لها"، دون أن يكشف الأطراف التي تقوم بإعدادها.
الوزير الأمريكي، أشار إلى أن "التسوية المرتقبة"، ترتكز على "تقسيم اليمن" إلى مناطق، على أن تمنح تلك المناطق حكما ذاتيا، بعد عملية تدريجية لنزع السلاح.
وأشار الوزير إلى أن "التسوية" تقوم على جزئين، الأولى ضمان أن تكون "الحدود بين المناطق" منزوعة السلاح، إلا من الجمارك، وشرطة حدود لتسريع تدفق البضائع، والسماح بانسيابية حركة الناس، بينما يقوم الجزء الثاني على نزع السلاح تدريجيا على المدى الطويل، مشددا على أن اليمن لن تكون بحاجة لصواريخ بعد الآن.
وأوضح أن على الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة أن "تعطي المناطق التقليدية لسكانها الأصليين، لكي يكون الجميع في مناطقهم، ولا حاجة للسيطرة على أجزاء أخرى من البلاد"، لافتا إلى أن "الدبلوماسيين يعملون حاليا على إضفاء لمساتهم السحرية على هذه الخطة" !.
وأشار ماتيس إلى أن الحوثيين في هذه الحال سيجدون فرصتهم، وأن من مصلحتهم أن يوافقوا على هذه التسوية.
هذا أبرز ما تضمنته الخارطة التي قدمها "جيم ماتيس" للحل في اليمن، وهي خارطة تجعلنا أمام سيناريوهات أكثر ضبابية، لا تخدم سوى المليشيات، في الشمال والجنوب على حدٍ سواء.
ففي الجنوب، هناك المليشيات الخارجة عن الدولة، والتي تنتظر بشغف مثل هذه الخطوة للتحلل من آخر رابط يربطها بالحكومة المركزية.
كما أن الحوثيين سيكونون هم المسيطرين على صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرتهم، في حين يجري إعداد مليشيات وجماعات خارجة عن سلطة الدولة في المناطق الغربية، بدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة، وإجمالا فإن ذلك يعني أن الحوثيين سيحصلون على حكما ذاتيا معترف به دوليا، وكذلك الجنوبيين، في حين تظل الحكومة الشرعية معزولة في بعض المناطق الشمالية الشرقية من اليمن.
يبدو أن هذه التسوية يجري إعدادها بنظر التحالف العربي، بعد أن فشلت الحملة التي تقودها السعودية في كسر شوكة الحوثيين، وبعد أن أظهر التحالف سوءا في إدارة التحالفات مع الأطراف الداخلية، ولعل المملكة حاليا باتت تبحث عن ضمان بألا تكون عرضة للاستهداف مستقبلا، وهذه التسوية "الماتيسية"، يبدو أنها حققت ذلك من خلال تأكيدها على ضرورة نزع السلاح والتخلص من الصواريخ.
ننتظر موقفا حكوميا على هذه الخطة، والتي تبدو وليدة المرحلة، ولم يتم التطرق لها طيلة مراحل المفاوضات السابقة، ما يعني أنها نتيجة تقدير موقف، وبناءا على التحولات الأخيرة التي طرأت على الساحة الإقليمية.
الحوثيون والحراك المطالب بالانفصال سيكونون الأسعد بهذه التسوية، فهي تحقق لهم الأرضية المطلوبة لبناء مشاريعهم الخاصة، وبمباركة دولية، ولا ينتظر أن يكون هناك حكومة مركزية قوية لأنها فشلت في أن تكون كذلك حتى اليوم، ولا ينتظر أن تكون قوية مستقبلا، ولو كانت قوية لما وصلنا إلى هذا الوضع.