هناك ثلاث مسائل يجب التوقف أمامها قي ذكرى تحرير عدن :
١- الحربة قيمة انسانية راقية يضطر الانسان في كثير من الأحيان أن يدفع حياته ثمناً لها . غير أن الحرية لا تفهم بصورة مجردة عن الغايات المرتبطة بها وهي حق الانسان في العمل ، وحقه في الاختيار ، وحقه في تقرير خياراته السياسية ، وحقه في الانتماء ، وحقه في الحياة الكريمة والعيش على نحو أفضل ، وحقه في محاسبة حكامه وعزلهم ، وحقه في حماية حقوقه الطبيعية والقانونية .
ويقابل هذا أداء واجباته على النحو الذي يجعل الحقوق أفعالاً تمشي على الارض . ٢- الحرية هي القدرة على التمييز وتوظيف العقل بفعالية بعيداً عن الانفعال في اللحظات الصعبة ، بمعنى استحضار العقل الفعّال وليس المنفعل ، لتقرير خيارات مسارك الصح من بين المسارات التي تعرضها المستجدات .. ولا يعني هذا بأي حال من الأحوال أنك في الاتجاه الصح وأن الآخرين في الاتجاه الخطأ !! فالحرية تعني أن تحترم حرية الآخرين وأن تقبل الإختلاف وتقبل معه التفاهم والتعايش واحترام الاخر .. الحرية تقبل أن تصادم من أجلها لكنها لا تقبل أن توظفها لصدام يفضي إلى مصارة حرية هذا الآخر ،
٣- الحرية بالنسبة لعدن هي العنوان الأبرز الذي جعل منها موئلاً لكل من ضاقت به الحياة منذ عهود طويلة ، ونمت بسبب هذا مقومات ثقافية واخلاقية وانسانية جعلت المجتمع يتكون في مستواه غير الرسمي وفقاً لقواعد لم تتغير مع الزمن ، حتى عندما يدهم المدينة والمجتمع تدفقات بشرية بأمزجة مختلفة فإنها تتكسر وتذوب ، أو تعيش حالة غربة بالرغم مما يبدو عليها من سطوة . لا يمكن تشكيل عدن بمزاج القادم إليها حاكماً أو غازياً ، بالعكس هي من يعيد تشكيل هؤلاء جميعاً . في ٢٠١٥٥ إبان الغزو التدميري لعدن من قبل الحوثي وصالح لم تقبل أحياء عدن التاريخية التي ترسخت فيها جذور حرية ترفض الذل ، فقاومت ، وانتقل السكان إلى أجزاء أخرى من المدينة ضلت صامدة وتقاوم ، وبقيت كريتر وخور مكسر والمعلى والتواهي خالية تماماً من السكان في ظاهرة لا يمكن أن تتكررإلا في مدينة ظلت الحرية عنوانها الدائم .
في تلك الظروف اختبرت الحرية في هذه المدينة ، وثبت بالملموس أنها ميراث أصيل لم يتآكل بفعل الزمن ولا تغيراته .. ويختبر اليوم بهذا الصبر الذي يبديه سكانها تجاه ما ألم بهم من انتكاسات في كل مناحي الحياة . تصحيح الوضع في عدن هو مفتاح الحرية لليمن كلها من جنوبها إلى شمالها ...
من عدن تبدأ إستعادة الدولة المصادرة من قبل مليشيات الانقلابيين ، ومن عدن سيستعيد اليمنيون ارادتهم في تقرير خياراتهم ومصيرهم ، ومن عدن سيتواصل بناء التحالف العربي على أسس الوفاء للتضحيات الكبيرة التي قدموها كعنوان لأصالة الحرية لهذه المدينة ومعها كل اليمن .