تجتاح المجاعة محافظة تعز وسط غياب السلطة المحلية والجهات المعنية بالإغاثة، وتزايد احتمالات قطع الشريان الوحيد الذي يمد سكان المدينة بالحياة في مرحلة خطيرة تستوجب إعلان الطوارئ.
المجاعة في تعز أكبر مما يحتمل المواطن، ولا وجود لمؤسسات الدولة ومنظمات الإغاثة لمواجهة خطر المجاعة بدلاً من استثمار تامأساة بدون أدنى شعور بالمسؤوليات الإنسانية والأخلاقية تجاه الناس.
قاومت تعز مليشيات الإنقلاب بإرادة صلبة خلال عامين، وكانت ظروف أبناء المحافظة تسمح بالصمود في وجه القصف اليومي والحصار الهمجي، أما اليوم، فقد تحولت الحياة إلى جحيم جراء تفاقم المآسي الإنسانية وانعدام مصادر الدخل.
منذ بداية الحرب مطلع 2015، قدمت تعز تضحيات كبيرة أكثر من أي محافظة أخرى، وأغلبها، دفعها المدنيين، نتيجة القصف على الأحياء والقرى والحصار المفروض على المدينة والأرياف، وهو عقاب جماعي تمارسه المليشيات على المحافظة.
ويعمق الإنفلات الأمني مأساة المناطق المحررة، ويخدموا بكل أفعالهم المشينة إنقلاب الإمامة الذين ينتقموا من تعز وأهلها، وغايتهم إيقاف الحياة، ودفع ما تبقى من سكان وتجار لمغادرة المدينة بما يمكنهم معاودة حصارها مجدداً.
أعلنت منظمات أممية وإنسانية خلال الأسابيع الماضية دخول تعز مرحلة المجاعة، والأشهر القادمة ستكون كارثية، ولم يحسب أحد حسابا للمأساة، ولكأن طرفي الحرب اتفقوا على دفع المحافظة فاتورة مضاعفة ثمن انحيازهم للجمهورية.
تكتفي المنظمات الإنسانية بالتحذير من المجاعة في تعز، ويؤكد الواقع المزري بأنهم لا يعلمون شيئاً لمواجهة الكارثة عدا الإتجار بالمآسي بطرق لا تختلف عن شغل منظمات ومبادرات محلية من بداية الحرب.
ولأن الجوع كارثة كبرى والمجاعة أم الكوارث، تعمل المليشيات الإنقلابية في أطراف المدينة والعصابات المسلحة وسط الجبهة الداخلية على هدف واحد، وغايتهم تضييق الخناق على المدينة وتنفير السكان من الشرعية بغية تركيع المحافظة لسلطتهم.
معادلة المعركة في تعز تغيرت لصالح الحكومة الشرعية، ومع ذلك، يسعى الإنقلابيين لاستغلال الأوضاع الإنسانية والظروف الأمنية السيئة عبر تكثيف تحركاتهم العسكرية بهدف إعادة قطع الطريق الوحيد الرابط بين مدينة تعز والعاصمة المؤقتة عدن.
أدرك سكان المحافظة وبعض القيادات خطورة تحركات المليشيات الانقلابية بمنطقتي الكدحة والعفيرة في مديرية المعافر، وما قد يترتب من كوارث إنسانية وانتكاسات عسكرية في حال تمكنوا من قطع خط تعز عدن.
قلما يدرك المتابعين لوضع تعز خلفيات الهلع في مواقع التواصل الإجتماعي من مخاطر تهديد الشريان الوحيد لسكان مدينة تكاتفت على حياتهم القصف والحصار والإنفلات والمجاعة، ويذهب بعضهم إلى تسطيح القضية دون شعور بحقائق الواقع المرير.