مررت ملكة بريطانيا يوم أمس الخميس القانون الخاص الذي أقره البرلمان بتكليف رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي تفعيل المادة ٥٠ من اتفاقية لشبونة والخاصة بكيفية الانسحاب من الاتحاد الاوربي . وبهذا اصبح الانسحاب حقيقة لا يشوبها أي شك ، ويبقى السؤال الذي ينتظر البريطانيون الاجابة عليه متعلق بالصفقة التي ستعقدها حكومة المحافظين مع الاتحاد الاوربي في ضوء ما سمي بالخروج القاسي Hard Brexit ،اي الخروج الذي يشمل كل مؤسسات الاتحاد الاوربي بما في ذلك السوق المشتركة والاتحاد الجمركي ، والتي يستمر النقاش حولها لمدة عامين .
اتخذ البريطانيون قرارهم بالخروج ، وإن بفارق ضئيل ، وتركوا النخب السياسية تتخبط في التفاصيل ، وتواجه كل التحديات الناشئة عن هذا القرار التاريخي الهام بما في ذلك طبيعة ونوع الخروج . الشعوب لا تهتم بالتفاصيل ، لكنها تحاسب على النتائج .
تكمن المشكلة في أن قراراً كهذا لا احد يستطيع ان يتنبأ بنتائجه على نحو مطلق ، فلا الذين يؤيدونه لديهم الأدلة الكافية على ان الخروج لصالح بريطانيا ، ولا أن من يعترضون عليه يستطيعون ان يقدموا الأدلة الكافية على انه بالمقابل كان خاطئاً .. الجميع يراهن على كل من النتائج الإيجابية والسلبية للمرحلة الماضية التي كانت فيها بريطانيا عضواً في الاتحاد في حشد أدلته .
غير ان الملاحظ هو ان المجتمع ، بكافة فئاته ونخبه ، قد انخرط في نقاشات واسعة حول مزايا وسلبيات الخروج لكن الجميع يتوقف عند نقطة واحدة وهي ان الشعب قد قال كلمته ، وطالما ان الحكومة قد قررت ان تعود الى الشعب في قضية مصيرية كتلك فإنه لا بد من احترام هذه الإرادة مهما كانت .. وعلى الحكومة والحكومات المتعاقبة ان تعالج المشكلات المترتبة على ذلك في ضوء ما قررته هذه الإرادة الشعبية ..
لا احد يسطيع ان يقول ان الشعب أخطأ في اتخاذه لأي قرار ، ولكن من الممكن القول أن العودة اليه لاتخاذ قرار بمستوى مصيري كان من المهم أن يحضر له بشكل كاف تتناسب وأهميته