عندما يتحرك الحوثيون بشكل عابث في مقدرات دولة اليمن الشقيق في تلقفهم الأوامر من إيران، كما يتسلمون بطرق ملتوية السلاح الذي تمدهم به موهمة إياهم بأنهم سيسودون الدولة، وهم في الحقيقة يهدمون البلد بسبب هذا الوهم الذي يدفعهم لارتكاب المجازر والعبث بمقدرات الوطن، فكم خسروا، وأزهقوا من الأرواح، في الأراضي التي كانوا قد اعتقدوا أنهم بسطوا نفوذهم المدعوم من المخلوع صالح المراوغ الذي جَرّ البلاد طيلة عقود إلى مشاكل لا تعد ولا تحصى، وهمه الأوحد البقاء على رأس السلطة التي جلبت التعاسة على الشعب والوطن اليمني المحتاج إلى العمل الصالح والنافع لرقيه ولمواكبته دول الجوار.
فاليمن فيه رجال وكفاءات، ولكنها شُتّتَتْ، وأُبْعِدَتْ، وَاغْتِيْلَتْ، والهدف بقاء الثعلب في السلطة، وقد كانت مناصبته العداء للحوثيين مُتَمَثِّلةً في الحرب الداخلية التي كانت تجري بينهما، وعندما تمكنوا من السيطرة على معظم البلاد، وجاءت الحلول بالشرعية التي رضيها الجميع، وذابت سلطته سارع إلى معسكرهم ضد الشّرعية ولجأ إلى مخزونه من السلاح الخاص بحمايته والذي أخضع الدولة لعقود تحت سلطته، وهو السلاح الذي كان يوجهه لهم فإذا به يوجهه للشرعية والجيران.
أصبح الحوثيون وبمعيتهم المخلوع يتلقون الأوامر من إيران وينفذون خططها التي تهدف إلى العدوان على دول الجوار، والمنطقة كافة، وإيران تعمل كل حيلة، وتصطنع المواقف للتدخل في شؤون الدول الأخرى الداخلية، تُحَرِّض، وتُزوِّد، وتؤوي العابثين، وتَحتضن وتنمِّي الإرهابيين من جميع أنحاء العالم، فكلما حوصرت شعبيا من الداخل، سلطت سلاحها في وجوه مواطنيها ونصَبَت المشانق، والغريب أن العالم يشاهد ويدرك ما يجري في الداخل الإيراني من انتهاكات لحقوق الإنسان، وما يُرتكب من جرائم بحق الشعب الإيراني، وكذلك ما تصدِّره إيران من العمليات الإرهابية، ولكن لا نسمع إدانة أو احتجاجا، وذلك ما يوحي بأن لهذا السكوت والتجاهل ثمناً مجهولاً تُوعَدُ به، ولكنه لن يكون، لأن الأفعال التي تقوم بها دولة العمائم والملالي تهدف إلى ما لا طاقة لها بها، فالتمدد العدواني بتدريب وتجنيد الخارجين على الشرعية في اليمن، وتزويد حزب الله في لبنان بالأسلحة، ومنها الصواريخ والمرتزقة، وتحدي الحزب للدولة اللبنانية وقيادتها، واعتبار الأوامر الإيرانية والامتثال لها هو السّند المكين لينمو ويتمكن من السيطرة على الدولة، وتماسكها مع الروس وتزويدهم بالجند ليعيثوا ويعبثوا بمقدرات الشعب السوري، حيث الذبح والتنكيل والتعذيب لإخضاعهم، وكذلك العراق الذي يعاني من التدخل السافر، ومحاولاتها الفاشلة التدخل كذلك في دول الخليج المجاورة، فبهذا ومثله غَرّرتْ بالحوثيين الذين ووجهوا بحملة الحزم، وتبعتها إعادة الأمل، وكان النجاح الذي حققته دول التحالف بردع العدوان وإعادة الشرعية إلى اليمن باعترافات أممية، أما المحادثات التي يرتب لها ويتفق عليها الأطراف، فتحاول إيران دائما عرقلتها بمساندة أزلامها من الخونة والمتمصلحين ممن لا ولاء لهم إلا الكسب المادي، والوهم الحالم بالعودة إلى السيادة.
الحوثي يستمد وهمه من صاحبة الوهم الأكبر إيران، وكلاهما يواجه المشاكل والهزائم والخسائر المؤدية إلى الانكسار والتحجيم في ظل ما هو قادم على الساحة الدولية، وأولها مجيء ترامب بمخططاته الرامية إلى محاربة الإرهاب، ومن يساند الإرهاب ويغذيه في المنطقة، بل في العالم سوى إيران، ومن يسير في نفس الطريق، فالعالم ينبذ الإرهاب والاستهانة بمقدرات البشر، والكل مع راحة ورقي الإنسان ليعيش حياته مطمئناً.
*جريدة الرياض