علي الفقيه

طالب متعثر ينتظر قراراً بتعيينه نائب وزير!!

علي الفقيه
الاربعاء ، ٠٧ سبتمبر ٢٠١٦ الساعة ٠٢:٣٣ مساءً

توقف الفتى اليافع عن الذهاب إلى الجامعة أثناء مشاركته في مؤتمر الحوار الوطني بصنعاء عام ٢٠١٣ والذي استمرت جلساته ما يزيد عن عام.

 

هو لا يحب الجامعة أصلاً ولا يطيق ضغط المذاكرة والأبحاث والإمتحانات، وعزز من قناعته تلك ما يمتلكه من “قوة طباع” تمكنه من الوصول إلى المسؤولين وأصحاب القرار، حيث منحه مؤتمر الحوار الوطني فرصة للقاء بكل قادة الأحزاب ورجال الدولة والشخصيات المؤثرة وكاميرات الإعلام تحت سقف واحد.

 

وزاد من عزوفه عن إكمال الجامعة أنه قدم نفسه للجميع في مؤتمر الحوار بصفته الدكتور، وهو اللقب الذي يستهويه كثيراً، دون أن يسأله أحد: "دكتور في أيش يا ابني؟"

 

شارك في ٢٠١٤ بفاعلية مع النشطاء الذين دفعت بهم أجندة خفية للحوثيين وصالح للتهيئة لاجتياح العاصمة في مسيرات "لا لعسكرة الجامعة" ومظاهرات "منورة يا حكومة والشعب طافي" وغيرها والتي وصلت حد حنق رئيس الحكومة ضد هتافات المتجمهرين في القاعة وكان هذا الفتى النشيط على رأسهم وأطلق باسندوة مقولته المشهورة "أزرِّقه"!

 

وحينها بدأ مشوار التعثر في كلية الطب بجامعة القاهرة التي لم يجد نفسه فيها، وبعيداً عن صداع الجامعة والإمتحانات وضع لنفسه هدفاً مختلفاً تماماً وقرر أن يكون هو ممثل الشباب في أي مناصب ستمنح لهم في مؤسسات الدولة.

 

الفتى ذو الرأس الكبير الأجوف يمتلك قدرة على التهريج في وسائل الإعلام ويقدم نفسه دكتوراً ومحللاً وناشطاً سياسياً وإعلامياً وعضو مؤتمر الحوار الوطني، وبرصيد العلاقات الذي كونه مع مراسلي القنوات فقد غدا نجماً عليها منذ ما قبل إعلان التحالف العربي بقيادة السعودية إطلاق عاصفة الحزم لاستعادة الشرعية في اليمن، واكتشف أنه حين يعرف نفسه بصفته دكتور، لم يسأله أحد المراسلين أو المنتجين "دكتور في أيش يا ابني؟" فبدا الأمر أسهل حتى مما يتصوره.

 

خلاصة الموضوع أن الدكتور ألقى بما تبقى من ملازم في خزانته إلى أقرب سلة مهملات بعد أن أدرك أن الطريق إلى المناصب والمال في اليمن لا يمر عبر الجامعة، وحينها انتقل إلى الرياض حيث تقيم الحكومة والرئاسة اليمنية الشرعية واستقر هناك ليحلل في قناة الحدث ويساهم بأقوى قوته في الذود عن الشرعية التي لا تعني له أكثر من "قرار وتوابعه".

 

وكما يرابط الشباب الحفاة في المتارس منذ أكثر من عام فإن صديقنا الطامح يستيقظ كل يوم مبكراً ويرتدي البدلة وربطة العنق ثم ينطلق إلى القصر لمتابعة موضوع القرار، وهناك يلتقي برفاقه الطامحين الذين نذروا كل وقتهم لمتابعة قرارات التعيين في مناصب حكومية، وتقديراً للوضع الاستثنائي الذي تمر به السلطة الشرعية فقد قبل بمنصب "نائب وزير" إلى حين ميسرة، وحصل على أمر رئاسي بإصدار القرار بجهود مباركة من وزير في الحكومة وأحد المستشارين، وبعد اتصالات أجرتها "خالة أمل" مع أكثر من مسؤول في حكومة الشرعية.

 

وبالتالي فهو الصباح يرابط في القصر ومساءاً يرتاد الموفنبيك دون كلل أو ملل للتربيط مع كل من يعرفهم لدعمه في استخراج القرار الذي يخشى عليه من التعثر، وهو ذات الجدول الذي يمارسه شلة من المتحفزين للمناصب بعد أن أيقنوا أنها اللحظة المناسبة للقفز دون معوقات.

 

يجيد الفتى العشريني “ذو القدرات الخارقة” تملق كل قادة الأحزاب، الذين رمى بهم القدر وسوء أعمالهم في طريقه، فحين يلقى الناصريين يسمعهم ما يحفظ من مقولات الزعيم الخالد عبدالناصر ويترحم على قيادات التنظيم الذين أعدمهم صالح، وحين يلتقي قيادة الإصلاح يسترجع ويحوقل على الوضع الذي وصل إليه حال الأمة الإسلامية ويبدي قلقه الكبير على الأستاذ قحطان، ويقدم نفسه للدكتور رشاد العليمي كواحد من مخلصي المؤتمر الموالي للشرعية وينبهه إلى خطورة السماح للآخرين بالهيمنة على مفاصل الدولة!

 

الدكتور الإعلامي المحلل الناشط البهلوان في انتظار القرار، ورغم أن نشر القصة قد لا يؤثر على فرص صدور القرار، إلا أنه من الضروري التنبيه إلى خطورة الاستمرار في العبث بالقرارات وتوزيع المناصب على الانتهازيين والمتسلقين دون مراعاة لمعاييرالاحتياج والكفاءة والخبرة، وليس مهماً نشر اسم الشخص "صاحب القرار" فلربما يفضحه القرار الذي سيجد طريقه للإعلام حتى لو تم تمريره بصمت كما يحدث كثيراً مؤخراً.

 

ولو أن الحكومة الشرعية احترمت نفسها وأوقفت التعيينات العبثية أو ثبتت معايير لأدركت كائنات التعيينات عبر الأبواب الخلفية أن بإمكانهم أخذ فرصهم الطبيعية مستقبلاً، ولوجد هذا الفتى وأمثاله أحد قليلي الخير الذين يتردد عليهم يهمس في أذنه ناصحاً "روح كمِّل دراستك والمستقبل أمامك”!!