عمر الشارحي
ما حدث، أمس، من توتر واشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة في صنعاء قرب دار الرئاسة اليمنية وجوار منزل الرئيس، يبعث إلى الشعب رسالة واضحة، مفادها بأنهم يتابعون، اليوم، الفصل الأخير من مسرحية "السيد والرئيس".
المسؤول الأول والأخير عن كل ما يحدث اليوم هو الرئيس عبدربه منصور هادي لا غير، هو من سمح لهذه المهزلة بأن تمتد في ربوع الوطن، ثم اليوم، إلى دار الرئاسة اليمنية ومنزله "المحصن" الذي لم يعد حتى قادراً على حمايته.
عندما كان اللواء حميد القشيبي في عمران يطلب الدعم والإمداد لمقاتلة الحوثيين، كان هادي ووزير دفاعه الأسبق، علي ناصر أحمد، يغضان الطرف عن كل ما يحدث، بل كانا يصفان المعركة بين جماعتي الحوثي والإصلاح بمعركة "لتضليل الرأي العام"، من دون علم أن سقوط عمران، آنذاك، يعني سقوط العاصمة صنعاء واليمن برمتها.
لم يستسلم اللواء القشيبي، على الرغم من أنه كان يعلم أن ما يحدث غير طبيعي، وأنه أمر مبيت له، هدفه الانقضاض عليه. سقطت عمران وصلب القشيبي، وبعد أشهر، بدأت حرارة الحرب تلتهب على تخوم صنعاء، ومع دخول المعارك إلى العاصمة، طلب الرئيس هادي من الجنرال علي محسن العودة إلى منصبه السابق، قيادة المنطقة العسكرية السادسة، لمواجهة الحوثيين، وردعهم عن دخول العاصمة، ثم أمر الألوية والمعسكرات المطلة على صنعاء بقصف مقر المنطقة السادسة، وبدأت القذائف تنهال عليها من كل الاتجاهات، إضافة إلى قطع الإمداد العسكري واللوجستي عنها. سقط مقر المنطقة العسكرية السادسة، ومعه سقطت صنعاء، وبدأ السقوط الحقيقي للرئيس هادي، فيما استطاع الجنرال علي محسن أن ينجو بنفسه هارباً إلى السعودية.
قبل أيام، خطفت جماعة الحوثيين مدير مكتب رئيس الجمهورية أحمد عوض بن مبارك، وصرحت في وسائلها الإعلامية عن مسؤوليتها عن الحادث، وكنا ننتظر من هادي رداً صارماً على المهزلة، لكنه، كعادته، عقد اجتماعا مع مستشاريه والمجلس العسكري الأعلى، ولوح بالاستقالة، في حال عدم الإفراج عن مدير مكتبه، قبل أن يرسل إلى زعيم الجماعة في معقله في صعدة رسالة نصية، يطلب منه الإفراج عن بن مبارك، وتفاصيل أخرى مؤسفة في رسالة هادي.
أعلنت قبائل مأرب، أمس، أنها في حال تعرض الرئيس هادي لمكروه، ستقطع الإمداد النفطي والكهربائي الذي يغذي اليمن بكاملها بالكهرباء، وهذا إن حدث سيشكل عبئاً كبيراً على البلاد، خصوصاً أنها قد توقف إنتاج النفط والغاز من محافظتي شبوه وحضرموت، رداً على اختطاف مدير مكتب رئاسة الجمهورية، أحمد عوض بن مبارك. مع هذه الوقفة الجادة من قبائل مأرب، بجانب الرئيس هادي، تتزايد الضغوط من جماعة الحوثي على الرئيس، لاستخدام الطائرات في معركة الحوثيين المقبلة في مأرب، ولا يستبعد أن يرضخ هادي لهذه الضغوط، وتبدأ معركة مأرب مع الطائرات التي تؤازر الحوثيين في حربهم ضد قبائل المنطقة التي وقفت حجر عثرة بين الحوثيين والسيطرة على منابع النفط هناك.
اليوم، لا يستطيع الرئيس هادي الدفاع عن نفسه، ولا عن مدير مكتبه، وكل ما حدث في اليمن يتحمله هو لا غير، وعليه أن يدرك أن الحوثيين سوف يستحوذون على دار الرئاسة والقصر الجمهوري في أي لحظة، ما داموا مسيطرين على مركز صنع القرار، وكل مؤسسات الدولة بسبب الغياب الحقيقي لشخصية رئيس الدولة، والدولة بذاتها، والتواطؤ الواضح من الرئيس ومؤسسات الجيش والأمن مع جماعة الحوثي المدارة من الخارج.