عارف أبو حاتم
منتصف الأسبوع الجاري كانت الأمم المتحدة على موعد مع فضيحة هزت قيمتها كهيئة أممية لا تعبث بها أصابع "الكبار"، وفقدت مصداقيتها كجهة دولية توجه ولا تتوجه من أحد.
قبل أن تتراجع الأمم المتحدة عن تقريرها الذي أدرجت فيه اسم التحالف العربي لإعادة الشرعية باليمن في قائمة منتهكي حقوق الأطفال كانت قد ذهبت تجدف في تقرير مفصل مليء بالأكاذيب والمغالطات والإحصائيات الخاطئة والأرقام الزائفة.. ووصلت إلى نتيجة أدانت فيها التحالف العربي وصنفته في خانة مسيئة لا تنسجم مع توجه "التحالف" الصادق لإعادة الشرعية في اليمن وإيقاف مجرى الدم الذي افتتحته ميليشيا الحوثي وصالح.
كانت التقارير المحلية والدولية توثق بالصوت والصورة جرائم الحوثيين بحق الطفولة في اليمن، فالطفل الذي لا تلاحقه قذائف الحوثي، يتم خطفه من أهله وتجنيده بالقوة وإجباره على حمل السلاح دفاعا عن عرش موهوم لعبد الملك الحوثي وتحقيقا لرغبة انتقامية لدى الرئيس المخلوع وهناك عشرات الحالات والتوثيقات الإعلامية التي تؤكد ذلك، إلا أن للأمم المتحدة عين لا تنظر لجرائم الحوثي وصالح.. بل ركنوا إلى الاعتماد على تقارير قلبت الحقائق وزيفت الوقائع كما تفعل تقارير "منظمة العفو الدولية".. حيث وثقت أن عناصر المقاومة في تعز هي من قتلت الأطفال طيلة الأسبوع الأول من يونيو الجاري، مع أن العالم كله يعرف أنهم قضوا في صواريخ كاتيوشا وقذائف دبابات ومدفعية أطلقها الحوثيون من خارج المدينة.
الآن، وبعد فضيحة تقرير زائف للأمم المتحدة، أساء للتحالف العربي في اليمن وسرعة التراجع عنه، وانتظار اعتذار رسمي من الأمم المتحدة لدول التحالف، هل ننتظر موقفا من هذه الهيئة تجاه مكتبها في اليمن خاصة بعد تكرار مطالبة الحكومة والشعب اليمني بتغيير ممثل هيئة الإغاثة الأممية باليمن اللبناني "جورج أبوالزلف" الذي تطاول في التلفيق والتضليل، والاعتماد على ناشطين حوثيين في المحافظات المنكوبة؟ وسبق للحكومة اليمنية أن طالبت الأمم المتحدة بضرورة تغييره.
في مواجهة هذا المشهد المعتم يطل علينا مشهد مشرق وكثيف البياض يأتي من مأرب في شرق اليمن التي تضيء كمشكاة.. هناك حيث أفرج التحالف عن أطفال حوثيين تم أسرهم في معارك سابقة وأطلقوا في اليوم الأول من رمضان، وسلموا إلى السلطة المحلية في محافظة مأرب، وتم تكريمهم والإحسان إليهم، وتبنى المحافظ سلطان العرادة أحدهم لأنه يتيم الأبوين، وأربعة أيتام آخرين تم منحهم مبالغ مالية.. وسيعودون غدا إلى أهاليهم، وتجري محاولة أخرى لإعادتهم إلى المدرسة، فهم أطفال لا يقوون على حمل السلاح.
منذ اجتاح الحوثيون صنعاء في 21 سبتمبر 2014 والأمم المتحدة تتخذ سلوك المهادن الذي يقوي نفوذ الحوثيين ويزيد في بطشهم، فلا أحد أوقفهم عند حدهم، ولا تقرير أممي أدانهم ولا قرار تم تنفيذه، حتى القرار 2216 الصادر تحت الفصل السابع أرادته الأمم المتحدة أن يتحول إلى مسخرة، حيث أمهل الأمين العام بان كي مون جماعة الحوثيين وصالح 10 أيام فقط لتنفيذ القرار، ومنذ أبريل 2015 والعشرة الأيام "البانكيمونية" لم تنته!
وفي 25 أبريل 2016 أمهل كي مون المبعوث الدولي إلى اليمن ولد الشيخ ثلاثين يوما لإعداد خطة تمثل مخرجا للأزمة اليمنية الضارية، وإلى اليوم لم يقل كي مون ماذا بعد فشل مبعوثه إلى اليمن.
كلما استعرت الحرب في اليمن، وتأخر الحل، زادت أخطاء الأمم المتحدة وتَكَشَّفَ موقفها الفاضح أكثر وأكثر...!
عربي 21