راجح خوري
عندما أعلنت الكويت استعدادها لاستضافة المفاوضات اليمنية لوضع حل يكرّس انتصار الشرعية على قاعدة القرار 2216 وضمن روح "المبادرة الخليجية"، التي وُضعت عام 2011 وأسقطها الانقلاب على الشرعية الذي نفذته طهران عبر جماعة الحوثيين وعلي عبدالله صالح، بدا واضحاً ان مفاعيل "عاصفة الحزم" تتجه الى اسقاط نهائي للرهان الايراني على وضع دول الخليج داخل كماشة تمسك بها جنوباً من مضيق هرمز وشمالاً من باب المندب.
الكويت اشترطت وضع السلاح جانباً ما أسفر عن تعهد لوقف اطلاق النار يبدأ يوم الأحد المقبل تمهيداً للجلوس الى طاولة المفاوضات التي ستبدأ في 18 نيسان الجاري. الا أن هذا لا يعني ان الكويت تلعب دور الوسيط، فهي شريك أساسي في التحالف الخليجي الذي يقاتل الانقلابيين في اليمن، لكن هذا لا يلغي أنها تبقى دائماً قاعدة اولى للديبلوماسية العاقلة والناعمة التي صنع قواعدها البارعة والمعروفة أميرها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي يزاوج الحلم بالحزم وفق المقتضى.
الآن يحاول الايرانيون تخريب المفاوضات قبل ان تبدأ، ففي حين يقول الأمير محمد بن سلمان ان حرب اليمن تقترب من نهايتها، ويعلن عادل الجبير ان المفاوضات التمهيدية مع الحوثيين متواصلة، تغلي طهران غيظاً عندما كرر قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري أمس تهديداته لدول مجلس التعاون الخليجي التي تتجه الى كسب معركة الشرعية اليمنية بفرض الحل السلمي على قاعدة انتصار عسكري يقف على أبواب صنعاء، محاذراً المضي في لغة النار بعدما باتت لغة الحوار مقبولة ومسموعة، وهذا من المبادئ الراسخة في سياسات أمير الكويت الذي يعمل من داخل البيت الخليجي الواحد.
التخريب الايراني ليس قاصراً على التصريحات والتهديدات، فقد أعلن الأميركيون أمس عن وقف سفينة ايرانية جديدة كانت تنقل الأسلحة الى الحوثيين، الذين يحاول جعفري دفعهم لافشال المفاوضات عندما يتحدث عن "سيف أنصار الله البتّار"، وهذه ليست المرة الأولى التي تصادر مثل هذه الشحنات، وليس خافياً تلويح طهران قبل ايام باستعدادها لارسال قوات الى اليمن.
المثير انه بعدما أعلنت الكويت استعدادها لاستضافة المفاوضات اليمنية، سارعت طهران الى ارسال وزير استخباراتها محمود علوي الى الكويت حاملاً رسالة من حسن روحاني تتعلق بالعلاقات الثنائية، وتطلب التوسط لحل الخلافات مع دول الخليج والسعودية خصوصاً، لكن علوي سمع ما يجب ان يسمع من ان المطلوب وقف التدخلات في الدول العربية والخليجية وأعمال التخريب التي لم توفر حتى الكويت التي تريدون وساطتها.
الرسالة الايرانية لم تنجح في الايحاء بأن الكويت وسيط في حين أنها من أُسس البيت الخليجي، ولن تنجح الرسالة في التمهيد لتسرّب أو دخول آذان ايرانية تسترق الأسماع على المفاوضات اليمنية التي تستضيفها!
النهار