مروان الغفوري
الليلة (السبت 19 مارس 2016 ) يحشد الحوثيون كتائبهم وآلاتهم ويهاجمون تعز من الجهة الغربية، وهي جهة واسعة ومفتوحة ولا يمكن للمقاومة بلا سلاح ثقيل أن تغطيها.
أعطيت للتحالف العربي حوالي عشرة أهداف عسكرية واضحة خلال اليومين الماضيين، ولكنه لم يأخذها على محمل الجد. كان النصر الأخير مفاجئاً للتحالف، حتى إن العميد عسيري راح يتحدث إلى وسائل الإعلام ببيانات لا علاقة لها بالجغرافيا، فقد كان معزولاً عما يجري. يقول ضباط الجيش في تعز، يومنا هذا، إن هناك خطراً حقيقياً على تعز من الجهة الغربية وأن الحوثيين ينوون قطع الطريق عن طريق الضباب وإعادة حصار المدينة من جديد. يطير التحالف فوق رؤوس الحوثيين وبمقدوره فعل الكثير. عليه أن يتدخل الليلة، وهذا بلاغ لمن يهمه الأمر.
كما قلت سابقاً:
عقد الحوثي هدنة على الحدود لكي يتفرغ لليمنيين عندما اكتشف أنه لم يعد يملك جيوشاً كافية لتوزيعها في أكثر من معركة.
مشكلة الحوثي الرئيسية مع اليمنيين وليس مع غيرهم. أعاد توزيع جيوشه مؤخراً، بعد الهزيمة في تعز، ولاحظ المقاومون في غرب تعز وصول تشكيلات عسكرية كبيرة. يريد أن يحرز نصراً كبيراً على الأقل الليلة مع وصول الموفد الأممي إلى صنعاء. جثث اليمنيين هي المادة التفاوضية الأغلى بالنسبة للحوثي.
ـــــ
لكن..
قبل عام
بدأت المقاومة في تعز بعشرات الشباب، وحررت حياً واحداً، ثم مزيداً من الأحياء.
مجرد عشرات من الشباب، بسلاح الكتف، قال عنهم الكتاب والصحفيون من صنعاء إنهم يجرون تعز إلى خراب، ويشعلون حرباً أهلية! وأنهم النكبة التي انتظرتها تعز طويلاً "لا أزال أتذكر من قال ماذا ومتى "...
وكان الحوثي بكامل قوته:
السياسية والعسكرية والاجتماعية والإعلامية.
مر عام كامل، وصارت تعز على مسافة قصيرة من التحرير الكامل، وهناك آلاف المقاومون ونواة لجيش وطني، وكبرياء وطنية، وشكيمة، وتحد ليس له نظير، ومئات الأبطال..
أما الحوثي فبقي له رخاص المرتزقة من القبائل، وما بقي في يد صالح من المؤتمر، وعربات كاتيوشا يقصف بها المدينة من مسافات بعيدة.
تعز محروسة بروحها، وبشهدائها، وبإشعاعها، وبمحبيها..
"لا تقبروناش" و "أنا مديون" هما المدد الذي سيضمن لتعز التحرير، وهما الجملتان بعشرات الكتائب.
أين كانت تعز قبل عام.
بالأمس قال لي مسؤول يمني من الرياض:
مشكلة تعز أنها انتصرت بلا مدرعات، أما مهمتها فتقديم نموذج قياسي في الأمن والاستقرار.
بصرف النظر عن مشكلة تعز ومهمتها، فما يهم الآن هو إعادة التذكير بهذه الحقيقة:
دفعت تعز ثمناً باهضاً، لكنها أيضاً قطعت شوطاً كبيراً.
من سيقترب منها، من سيحاول التوغل غيها، سيغرق ولن ينجو، فقد احتشدت كلها.
لكنها، كعادتها، ستدفع مزيداً من الأثمان، ومزيداً من الجثامين والآلام، وسيكون من الصعب على جراحها أن تلتئم.
اجعلوا تعز آمنة، احرسوها كلكم. الداخل والخارج، العرب واليمنيون، هذه مدينة طيبة لا تريد سوى أن تعيش كما يعيش الإنسان المتحضر، وليست مصادفة أن يكون خصمها مختبئاً في كهف.
تتساقط قذائف المدفعية والكاتيوشا على الأحياء الشعبية. يقف يمنيون، من المفترض أنهم يمنيون، خلف راجمات الصواريخ ويطلقونها على أحياء شعبية دون أن ترتجف أصابعهم
خلال ثوان يسقط المزيد من الأطفال والنساء والرجال بين جرحى وقتلى.
وهكذا، كل يوم، منذ أكثر من ??? يوم.
هذا هو العدوان، وهذه هي الجريمة التي لن نغفرها، ولا يملك أحد الحق في أن يسويها، أو يضع أوراقها في الرف.
ارتكب التحالف العربي جملة من الأخطاء العسكرية الفادحة عندما أطلق صواريخه على أهداف تبين أنها مدنية، وسقط ضحايا يمنيون بالعشرات.
ارتكب الحوثيون، عن بصيرة وقصد، مثل ذلك مئات المرات، وسقط حتى الآن ضحايا بالآلاف.
لا يُراد منا إدانة العمليات العسكرية الخاطئة، بل الوقوف إلى جوار الحوثيين ومطالبة التحالف العربي بالكف عن عملياته العسكرية، حتى يتمكنوا من قتلنا بأقل قدر من الخسارة.
لسروري وصف دقيق حول ما يجري: العدوان على العدوان. قلت لأحد المطالبين بإيقاف الطلعات الجوية والدعم العسكري العربي:
ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ قال واثقاً: سيسطر الحوثي على اليمن خلال ?? ساعة. قلتُ: فليستمروا إذن. ولم يستطع فهم ما قلته.
هناك طريقة واحدة يمكنها أن توقف ضربات التحالف على ميلشيات الحوثي وصالح:
أن تتوقف ميليشياتهم أولاً عن قتل اليمنييين، واحتلال المدن، وتفجير المنازل، واختطاف الدولة.
الجريمة السياسية التي ارتكبها الحوثي تفوق جريمتها الجنائية، فقد دمر الدولة بكل قداستها ورمزيتها. ثمة حل بسيط: أن ينهي الحوثي العملية التي قام بها. سيتوقف كل شيء.
غير ذلك، فمن الحق المواطن الذي تفاجأ بعصابة مسلحة، لا تمثل أي مشروعية، تقف أمام بيته وتلغم منازل القرية وتتبول في خزانات المياه، من حقه أن يطلب النجدة من أي كان.
لا يملك المعتدي الحق في أن يحدد للمُعتدى عليه الطريقة التي ينشد بها خلاصه.
المعادلة لم تتغير حتى الآن:
يشجب الحوثيون الطلعات الجوية في عمران وصعدة
ويشتكي اليمنيون في تعز من قلة تلك الطلعات.
الحوثيون، وكتبتهم، لا يريدون فهم هذه المعادلة المرة. فهم يعنون فقط بما يريدون، لا يرون سوى ما يريدون، ولا يكترثون لأحد.
ينعون اليمنيين القتلى في سوق شعبية ويقتلون أضعافهم في عشرات الأسواق. إنهم يعنون فقط بالقتلى الذين يمكنهم استخدام قمصانهم ودماءهم وما بقي فيهم من أشلاء.
مساء الخير أيها المقاومون في الجبهات..