أحمد الجار الله
طوال العقدين الماضيين سمعنا اسماء صواريخ ايرانية كثيرة، بدءا من «زلزال» مرورا بـ«سجيل» وصولا الى «شهاب» وعائلته التي يقول قادة الحرس الثوري انها «كلها موجهة الى اسرائيل»، ويتبجحون بقدرتها على ضرب أي هدف فيها أو في المنطقة.
في كلام قادة نظام الملالي ليست اسرائيل المقصودة، انما المنطقة العربية ودول الجوار، فهؤلاء الذين رفعوا على صواريخهم البالستية الاخيرة عبارة «لتدمير اسرائيل»، هم ذاتهم من قالوا ان لدى ربيبهم اللبناني «حزب الله» 100 ألف صاروخ، ايضا موجهة ضد العدو الصهيوني، فيما خرج قبل اسابيع حسن نصرالله ليهدد بتكبيد اسرائيل خسائر بشرية تصل الى مئات الآلاف من القتلى، ومما قاله»ان لدينا قنبلة نووية».
ظاهر هذا الكلام جميل جدا، لكن من يرى ممارسات ايران وصنيعتها في المنطقة يدرك جيدا ان باطنه الفارسي موجه الى الكنة الاسرائيلية لتسمعه الجارات العربية، خصوصا ان الاولى لها مكانتها عند نظام الملالي بدليل «ايران كونترا» وغيرها من الفضائح عن علاقات سرية خلف الكواليس، وبدلا من قصفها بالصواريخ الزلزالية رميت بالفستق كتجارة رابحة بين الطرفين، وزودت بالكثير من المعدات، بل وتسهيل الهجرة اليهودية اليها.
اما «حزب الله» الارهابي فبدلا من محاربة العدو الصهيوني، ها هو يزرع خلاياه التخريبية في الكويت والإمارات والبحرين والسعودية، وقواته تقاتل الشعب السوري، وتدعم العصابات الحوثية في اليمن، وترتكب المجازر في العراق، وكل هذه الطرق التي يسلكها لا تؤدي الى اسرائيل، بل هي تبتعد عنها بمسافات وترسم حدودها بدماء عربية ومسلمة.
فهل الطريق الى القدس تمر في الرياض والمنامة والكويت وصنعاء ودمشق وبغداد، ولماذا رحلة ماجلان هذه؟ أليست اسرائيل على حدود سورية وجنوب لبنان، وبدلا من الصواريخ التي يصل مداها الى ألفي كيلومتر تطلق من طهران على تل ابيب وتدمرها لماذا لا يوجه الحرس الثوري مدافعه وصواريخه وكافة قواه الموجودة في سورية عبر الجولان لتحرير فلسطين بدلاً من أن يحصد بها أرواح السوريين ويدمر ممتلكاتهم؟
يبدو ان عقل النظام الفارسي مصاب بعقدة ممارسة العنتريات واطلاق التهديدات ضد جيرانه العرب ويغلفها بورق هدايا مكتوب عليه «اسرائيل» او أنه يعاني من حول جغرافي، لذلك لا بد من علاجه ليعرف أين هي اسرائيل ويتوجه اليها مباشرة، اما اللعب على حبال التضليل فلن ينطلي علينا لأننا نرى منذ وقت طويل حقيقة العلاقة الاسرائيلية – الايرانية التي لم تستطع كل فصول مسرحية دعم القضية الفلسطينية حجبها، وقد أسدلنا الستارة عليها منذ زمن، وقرعنا جرس مواجهة حقيقة النظام الايراني من دون مواربة.
لذا اذا كان نظام الملالي يناصر القضية الفلسطينية فعلا فليس عليه اجراء كل هذه الاستعراضات لأسلحته وصواريخه انما يستعملها لمرة واحدة فقط، ويطلب من ربيبه في لبنان اطلاق المئة ألف صاروخ على أنحاء اسرائيل، وفي حسبة بسيطة جدا يستطيع بذلك تدميرها عن بكرة أبيها اذا اصاب كل واحد منها جدارا، ويمكن لنصرالله ان يثبت فعلا انه يمتلك «قنبلة نووية» بتدميره صهاريج الامونيا في حيفا.
بات على نظام الملالي، ومعه كل عصاباته في المنطقة، إدراك ان لعبتهم السمجة هذه لا تنطلي الا على بعض السذج من العرب الذين يعانون من قصر نظر ويعيشون في دنيا الاوهام، اما الغالبية العربية فتعي تماما ان الكلام الملالوي الموجه الى كنتهم الاسرائيلية لن يحرك شعرة في رأس الجيران الذين حسموا أمرهم واتكلوا على أنفسهم في مواجهة كل ما يحاك لهم.
*السياسة الكويتية