د.موسى قاسم
أنفجر البعض من الذين لم يذوقوا نزرا يسيرا مما تعرضت له تعز من قتل وخطف وحصار ودمار بالنواح والعويل على الوطن الممزق والشعب المشتت والدماء الجائلة مرددين أن لا حاجة للفرح بالإنتصار على الإنقلابيين الذين حولوا اليمن إلى مقبرة بلا قبور ولا شواهد.
قاست تعز كل صنوف الموت وحوصرت كما لو لم تحاصر مدينة من قبل وكنتم حينها على الطرف النقيض من حصارها وعذاباتها, وعاد ابناؤها إلى قرون سابقة ينقلون مؤنهم على ظهور الجمال ويطهون أطعمتهم على نار الحطب وكنتم وقتها تنتظرون استسلام المحافظة المنهكة المجوّعة حتى تذهب خائرة منكسرة إلى حائط المبكى تستجدي العفو وتدفع ريعها وحصادها أخماسا متعددة.
لماذا بلعتم ألسنتكم عندما كانت صواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون تنهال على احياء تعز ومساكنها كل ليلة وفجر لتحصد العشرات من الأبرياء كعزالدين الذي فاضت روحه وعيناه مفتوحة تراقب مواقفكم الصامتة وفريد الذي أذاب الصخر وهو يترجى من حوله أن لا يقبروه وهو لا يعلم أن القذيفة التي أطلقها المهزومين اليوم هي التي قبرته وليس أهله ومحبيه وكانت حينها رؤوسكم منغرسة بعمق مترين في صحراء قلوبكم الصلدة وضمائركم القاحلة.
لماذا تفرح تعز؟
تعز تفرح لأنها عانت وعانت ثم عانت كأن لم تعاني مدينة مسالمة من قبل, تعز تفرح لأنها تخلصت من جماعات القتل والقنص وصانعي المعابر, تعز تفرح لأنها تنتصر لنفسها ولهويتها الوطنية ولتاريخ ابنائها الذين قتلوا وسحلوا وهم يقدمون أرواحهم في سبيل وطن رسموه بأحلامهم وعبدوا طرق الوصول إليه بدمائهم وجماجمهم, تعز تفرح لأنها تبحث عن وطن يمني قُح وترفض كل من أراد إدجاء ضحاها البهي وعسكرة مدنيتها أو المس بكرامتها وكرامة ابنائها.