أ. محمد العمراني
حين يتهم الحوثي قبائل مأرب بأنها قاعدة ويوسع هذه الدائرة في رداع لتشمل كل قبائل البيضاء ورداع ، وحين يوزع تهمة داعشي على أحزاب كاملة تمتد على الخارطة الوطنية كلها ، وحين يتحول كتاب الصحافة والمثقفون والمؤسسات الإعلامية والحركات الشبابية الرافضة بمختلف أطيافها وتوجهاتها إلى متهمين بالدواعش والقاعدة والإرهاب .
مالذي يمكن أن يخدم الإرهاب أكثر من أن يتحول هذا المصطلح العالمي بعد جهود عالمية لتعريفه وتحديده إلى مصطلح مائع يشمل مجتمعات ومحافظات وقبائل بكل مافيها .
حتى رئيس الجمهورية لم يسلم من التهمة بالتواطؤ مع الدواعش وبالتالي مع الإرهاب .
من هو الناشط أو الإعلامي أو المثقف أو المسئول أو المؤسسة أو القبيلة أو الحزب أو الجهة التي وقفت في وجه الحوثي ولم يتم تصنيفه بأنه إرهابي من داعش ؟ .
هذا التمييع المتعمد لموضوع الإرهاب وتحويله إلى ملف خاضع للمناورة والابتزاز السياسي الرخيص هو الذي سيعمل على اندماج الإرهاب مع المجتمع وفقدان الحساسية تجاه الظاهرة باعتبار الموضوع ليس سوى مكايدة سياسية مفضوحة .
المجتمع اليمني قبل الحوثي كان شديد الحساسية في موضوع الإرهاب وكان الإرهابيون تحت العزلة الاجتماعية ، لكن الحوثي سيعمل على إدماجهم بالمجتمع خاصة وأنه لم يعد أحد يعترض طريق الحوثي غيرهم .
مأرب لها خصوصيتها ، ليس فقط عسكريا وديموجرافيا وحضارة وعمقا وموقعا حاكما في معادلة الثروة والطاقة ، بل لأنه يبدو أن قدرها أن تكون خط الدفاع الأخير عن الجمهورية وهي في ذات الوقت خط الدفاع الأول عن الخليج من الزحف الإيراني .
هذا البعد الإقليمي ، فضلا عن صراع القوى الكبرى عبر شركاتها في اليمن ، يعتبر مؤشرا واضحا على أن الحرب هذه المرة لن تكون نزهة ، بل ستحيل اليمن كله إلى منطقة لصراع اقليمي لاينتهي كما هو الحال في سوريا والعراق .
فليس خافيا على أحد أن اليمن يشكل بأحكام الجغرافيا السياسية عمقا استراتيجيا مهما ، بل إنه يمكن القول
إن 21 سبتمبر 2014 بالنسبة للمملكة يشبه تماما 11 سبتمبر 2001 بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية ، وغير خاف مافعله الأمريكان بعد تلك الضربة التي يدفع المسلمون والعالم ثمنها الباهض حتى الأن ، وكانت بالأساس مراهقة غبية لم تتوقع هذه الأضرار .
فهل سيكون على اليمنيين ، إزاء مغامرات الحوثي وهو يحولهم شعوبا وقبائل إلى قاعدة محاولا البحث عن مبرر يمنحه القبول في الغرب ويساعد على التغطية على انتهاكاته ، أن يدفعوا ذات الأثمان ؟
على العقلاء في اليمن أن يتداركوا الموقف ، والحوثي هو المعني بهذا التعقل أكثر من غيره ، فإن النيران حين تشب لاتميز بين صديق وصامت وعدو ، خاصة في مجتمع معقد مثل المجتمع اليمني الذي لايمكن لأحد أن يتنبأ بما يمكن أن يكون ، فالجميع لديهم كل القدرة على التخريب ، ولايمكن أن يبني الوطن سوى تلك الأيدي مجتمعة على قاعدة من التعاون والتشارك ، وليس غير ذلك .