الأرشيف

الأمم المتحدة وسياسة الأمر الواقع

الأرشيف
الخميس ، ٢٨ يناير ٢٠١٦ الساعة ١١:٥٥ صباحاً

عبدالله الصنوي


قبل عام كامل من الآن كان العالم يتحضر ليضع اليمن تحت سياسة الأمر الواقع وكان الإنقلابيون قد أحكموا سيطرتهم على كل البلاد في دراما هزلية جعلت اليمنيين في حيرة من أمرهم وفي التفاصيل تكمن مفاجآت من العيار الثقيل , زحف الحوثيون باتجاه العاصمة وبقية المدن اليمنية على شكل مجموعات خرجت من وراء التاريخ حاملين في صدورهم حقد أسود متوارث من مئات السنين وفي طريق حقدهم دمروا بيوت معارضيهم ومدارسهم ومساجدهم ليس هذا ما حير اليمنيين بل لك أن تتخيل معي هذا المشهد الساخر ولكنه للأسف عين الحقيقة ( بضعة مسلحين بعضهم أطفال على سيارتين دفع رباعي واقفين أمام بوابة أحد المعسكرات الذي كان في داخله آنذاك أكثر من ثلاثة آلاف جندي بكامل عدتهم وعتادهم معلنين الأرض لنا ونحن حكامكم , من صنع هذا المشهد حاول كثيرا أقناع اليمنيين أن مجموعة الأطفال هذه احكموا السيطرة على هذا المعسكر وأن الأسلحة الثقيلة التي في حوزة الجنود من دبابات ومدرعات وقذائف وغيرها وقفت عاجزة لا فائدة منها أمام السلاح الشخصي لتلك المجموعة ) لك أن تتخيل معي كيف لألف مسلح أن يسيطر على محافظة يمنية تعداد ساكنيها قرابة 2 مليون نسمة مع وجود المعسكرات والألوية التي طبعا لم تحرك ساكنا . الحلقة المفقودة في هذا المشهد ليس دور المخلوع في الانقلاب كلا بل كنا نعرف جيدا منذو البداية أنه شريك في الانقلاب وأن هناك تحالف بغيض بينه وبين الحوثيين لإسقاط الدولة , وليس الغريب التواطؤ القذر من قطاع واسع من الجيش مع الحوثيين فهم على أقل تقدير عبيد المخلوع صالح وعصاته التي يتكئ عليها , الشيء المبهم وقتها كان دور الأمم المتحدة ومبعوثها لليمن آنذاك جمال بن عمر الذي شرعن كل إجراءات الانقلابين ليس هذا وحسب بل على أقل تقدير أن الحوثيين كانوا يتحركون بضوء أخضر من الأمم المتحدة , وإلا كيف يفسر الصمت المريب عن أفعال الحوثيين منذ دخولهم صنعاء و سيطرتهم على مفاصل الدولة وانقلابهم على السلطة الشرعية المنتخبة والمعترف بها دوليا والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبوها , وتمردوا على كثير من الاتفاقيات منها اتفاق السلم والشراكة الذي رعته الأمم المتحدة وصولا إلى قرار مجلس الأمن 2216 الذي ترك الحبل على الغارب فلم يلزم الحوثيين وحليفهم صالح بتنفيذه أو إيجاد آلية لتنفيذه , دور الأمم المتحدة في اليمن سلبي بامتياز حتى في ما يتعلق بالجانب الإنساني و الإغاثي لم يستطيعوا أو قل لم يشاءوا أن يفتحوا ممر إنساني لمدينة تعز المحاصرة التي يموت فيها المرضى في المستشفيات لانعدام الأكسجين والأدوية الضرورية فضلا عن انعدام الغذاء في المدينة التي أصبح الوضع فيها مأساوي للغاية . وبعد قرابة العام منذ بدأ عمليات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن الذي تقوده السعودية أصبح دور الأمم المتحدة مكشوف على الآخر في محاولة لإنقاذ الحوثيين وصالح وإخراجهم بمكاسب سياسية على أقل تقدير أو بمعنى آخر فرض سياسة الأمر الواقع عن طريق أطالة أمد الحرب المشتعلة والمماطلة في الوصول لاتفاق سياسي يعيد الأمور إلى نصابها .

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)