محمد عبدالله القادري
تشكيل دول التحالف العربي وفر مناخاً مناسباً لغرس ونشر ثقافة وحدة عربية التي كادت ان تصبح غير موجودة تماماً في اوساط المجتمعات العربية ، ولكن للأسف لم يتم استغلال المناخ الذي وفرته تشكيل دول التحالف والإستفادة منه حق الإستفادة لوجود ثقافة قوية بمفاهيمها ومناهلها عن وحدة العرب ووحدة اوطانهم وشعوبهم وصفوفهم التي بها سيكونوا وبدونها لن يكونوا ، والإعلام العربي اليوم لم يؤدي الرسالة الجوهرية التي تتضمن وحدة العرب ، واغلب الكتاب والمواقع والصحف والقنوات العربية المساندة لدول التحالف العربي تقتصر اعمالها على اخبار وتحليلات بشأن احداث معينة ، ولم تحتوي برامج تغرس مفاهيم الثقافة الوحدوية العربية .
بكل صراحة نحن العرب مشكلتنا اننا لانمتلك ثقافة الوحدة والإخاء والتسامح فيمابيننا ، ولكننا نمتلك ثقافة العداء والحقد على بعضنا ، واغلب الشعوب العربية تسيطر عليها ثقافة الكراهية والعداء ضد شعوب عربية اخرى التي تبادلها بنفس الثقافة ، فالعرب يحملون ثقافة الكراهية والخلاف مع العرب ولم يحملوا ثقافة العداء للغرب او إيران ، فالدول العربية الفقيرة تحمل ثقافة الحقد على الدول العربية الغنية ، والدول العربية الغنية تتنافس فيما بينها من سيكون منها الغالب والقوي والاعظم والمسيطر والبارز في المشهد السياسي والإعلامي الدولي ، بل وتتسابق نحو دول الغرب لكسب ودها وتحالفها لكي تتغلب من تنافسها من دول العرب الشقيقة ، ولهذا تجسدت عند العرب ثقافة مصادقة العدو ومعاداة الشقيق ، فلم تجد العرب يوماً يتحدوا ضد اي دولة خارجية تعادي اي دولة عربية ، ولم تجدهم يفكروا ان ينافسوا الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية ، حتى زعماء العرب في قممهم العربية وغيرها ستجدهم يبرزون عضلاتهم ويتهجمون ضد بعضهم ولم تجد رئيس عربي يتهجم ضد اي شخصية قيادية من الدول المعادية لكل العرب وعلى رأسها إسرائيل .
اذا كان التحالف العربي عبارة عن وحدة انظمة فقط فهذا التحالف لن يصمد مستقبلاً ، والمطلوب هو ان وجود ثقافة وحدة عربية لدى شعوب العرب لكي يستمر تحالف انظمتها ضد اي مشروع يحارب اي دول عربية أياً كانت ، وعندما تتجسد لدى الشعوب العربية ثقافة الوحدة فأن اي نظام عربي سينشق عن تحالف العرب ليقف محايداً او ضد العرب او يوالي ويتحالف مع اي مشروع خارجي يعادي ويحارب اشقاءه فأن الشعب العربي الذي الذي تتجسد فيه ثقافة الوحدة ويمثله ذلك النظام قادر على تغيير ذلك النظام الذي يحكمه والقيادة التي تمثله ويستبدل نظام او قيادة عربية غيرها تقف مع اشقاءها العرب وتتحالف معهم .
اليوم نجد الإعلام العربي المساند لدول التحالف لمحاربة المشروع الإيراني في اليمن ، غافل او ضعيف في إيصال رسالة بشكل دائم ومستمر تغرس مفهوم الوحدة العربية وتعمق ثقافتها ، وهذا دليل ان الإعلام العربي سطحي ولايمتلك نظرة بعد وليس لديه
سياسة موحدة ، فرغم كثرة القنوات والوسائل الاعلامية إلا انها احيانا تكاد ان تكون ضعيفة قياساً بالإعلام التابع والمساند للمشروع الإيراني الذي اصبح قوياً رغم قلة وسائله ، وهذا مايدل ان وسائل الإعلام العربي تسيطر عليها ثقافة الولاء الحزبي الذي يهمها وتتبعه ، ولم تسيطر عليها ثقافة الوحدة العربية وكلاً في فلكً يسبحون .
في عام 2004 عندما كانت صنعاء عاصمة للثقافة العربية ، كنت اشاهد واتابع كل الفعاليات والبرامج والانشطة على شاشة التلفزيون ، ورغم كثرة الفعاليات المتنوعة والشاملة إلا انه لم يعجبني ولم يرسخ في ذهني إلا جملتين او عبارتين فقط سمعتها ، فلقد شاهدت في التلفزيون ظهور لموسيقار الفنان محمد عبده الذي لم اذكر ماهو اسمه ، وظهوره كان عبارة عن تصريح تحدث فيه عن اشياء كثيرة ولكنه تطرق بعبارة وجملة عن الوحدة العربية وقال نحن العرب اخوة وصف واحد واشار بيديه القابض عليها ، واعتقد ان ذلك الموسيقار تحدث عن وحدة العرب بإخلاص حتى رسخ كلماته في ذهني وانا صغير فصار ذلك الرجل هو احب مواطن سعودي في قلبي ، بل ان تلك العبارة التي قالها الموسيقار في ظهوره على الإعلام هي افضل من كل فعاليات صنعاء عاصمة الثقافة العربية ، ولاعجب ولاغرابة عندما ترى العرب يقيمون كل عام فعاليات الثقافة العربية في اي عاصمة عربية ، ولكن تلك الفعاليات لم ترسخ وتجسد ثقافة الوحدة العربية ، فأي ثقافة عربية لدى العرب ان لم يرسخوا فيها ثقافة وطنهم الواحد وشعبهم ودمهم اليعربي الموحد .
عندما نتصفح مواقع التواصل الاجتماعي التي اصبحت مقياس مهم لقياس الثقافة ومنبراً من منابر الإعلام ، نجد شبه غياب كلي لثقافة الوحدة العربية ، وهناك تواجد قوي لثقافة الولاءات الحزبية الافكار المحصورة والنظرة الضيقة ، والسبب يعود إلى قيادات الاحزاب والتيارات والجماعات التي لم تعمم مواقفها على قواعدها للالتزام بها واتخاذ الاسلوب المناسب للتحدث والتخاطب عن القضية التي تعتبر قضية عربية وليست قضية دولة لوحدها او حزب او جماعة ، بينما يعود السبب ايضاً إلى غياب إعلام يرفع وشعارات ويعد برامج عن الوحدة العربية والامة العربية الموحدة والتأريخ العربي الخالد واهمية توحد وتكاتف جميع ابناء العرب ووقوفهم في صف واحد .
خلاصة الأمر ان الاعلام العربي المساند لدول التحالف يشعرنا احياناً ان مايحدث في اليمن هو قيام السعودية بالدفاع عن اراضيها ومصالحها فقط ، وهذا مايجعلنا نقول ان السعودية ستتفق بعدها وتتصالح مع إيران وانتهى الامر ولايهمها بقية الدول والشعوب العربية ، وتشعرنا بعض الوسائل الاعلامية ان وقوف قيادات وقواعد جماعة الإخوان باليمن ضد مشروع الانقلاب ناتج عن قيام الجماعة الحوثية بإستهداف ومحاربة حزب الإصلاح فقط ، وهذا مايجعلنا نحكم انه في حالة تصالح واتفاق حزب الإصلاح مع الجماعة الحوثية فسينتهي الخلاف بين الطرفين ،،، لم نجد إعلام قوي يقنع ويوصل رسالة ويغرس مفهوم مفاده ان مايحدث في اليمن هو محاربة مشروع يحارب كل العرب بجميع دولهم وانظمتهم واحزابهم وتوجهاتهم ، لم نجد إعلام يشعرنا ان العرب أخوة وقد حان ان يعودوا لرشدهم ويصححوا اخطاءهم ويفتحوا صفحة جديدة .