د/عمرعبدالعزيز
في اليمن تبلورت الحركة السياسة الدينية على نار هادئة، وكان المؤتمر الشعبي العام حاضناً براغماتياً لها في شمال اليمن؛ نكاية بالحزب الاشتراكي اليمني في الجنوب.
ومع تباشير وحدة مايو اليمنية لعام 1990م واقترانها بالتعددية السياسية المُخاتلة تبلور مشروع حزب الإصلاح الإسلامي تحت قيادتين مُعلنتين؛ إحداهما قيادة دينية صرفة يمثلها رجل الدين الشيخ عبدالمجيد الزنداني وأُخرى اجتماعية قبلية يمثلها الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر، وكان المشترك الأعلى بين حزب الإصلاح والمؤتمر الشعبي العام يتمثل في التحالف ضد مشروع الاشتراكيين العلماني اليساري، كما كانوا يصفونه.
لكن التحالف البراغماتي القاصر بين الإصلاح والمؤتمر الشعبي سرعان ما انفرط؛ لأنه لم يكن عقدياً أيديولوجياً، بل كان تكتيكياً نفعياً حتى مخ العظم.
بالترافق مع مشروع الإصلاح الإسلامي السياسي انبرت الجماعة السلفية الأكثر تشدداً في صعدة بزعامة الشيخ الراحل مقبل الوادعي؛ حيث وصل إلى تلك الديار من المملكة العربية السعودية بعد أن تخلَّى عن زيديته الاعتزالية، ليصبح سلفياً مناوئاً لكل أشكال العمل السياسي المنتظم في إطار مشروع التعددية السياسية المعلنة بعد الوحدة.
السلفيون كانوا رافضين لانخراط حزب الإصلاح الإسلامي في العملية السياسية، كما واجه الاشتراكي ومن يناصره في مربع الانتظار الهجمة الكاسحة لتحالف الأوليغاركيا العسكرية والمالية المتحالفة مع الدين السياسي.
جرت الأُمور أثناء حرب عام 1994م بين مؤسستي الشمال والجنوب، وبعده أُخرج الاشتراكي وأنصاره من مربع الفعل المؤسسي، لتشهد اليمن متاهة جديدة، سرعان ما أفضت إلى انفراط تحالف حزب الحكم البراغماتي مع حزب الإصلاح الإسلامي المترنِّح بين دفتي الأيديولوجيا والمنفعة، وبالترافق نشأ «اللقاء المشترك» من تحالف الاشتراكيين والإسلاميين والناصريين والقوميين بنسختيهم اليمانية والعربية في سابقة لا نظير لها في العالم العربي.
*الجمهورية نت