خليل العُمري
المقالة التي كتبها المثقف البارز مروان الغفوري بعنوان "بني حشيش صورة من الداخل"، قال إن قبيلة بني حشيش، شرق صنعاء ، تمثل خزاناً بشرياً ضخماً للحوثيين وعلى أنها منطقة مُغلقة للجماعة، هي أحكام غير واقعية ، بل إن الواقع والتاريخ يقول انها منطلق الثورة وسيدة الجمهورية الأولى .
زرت المديرية التي يزيد عدد سكانها عن 80 ألف نسمة 3 مرات،تمتد إلى عمق العاصمة صنعاء في سعوان ، وسعوان خليط من الموظفين الحكوميين القدامى والإشتراكيين والسلفيين وهي الوحيدة التي كانت الشعارات المعادية للحوثي تنتشر في أزقتها وحاراتها في ذروة الهيمنة الإنقلابية .
أثناء ثورة 2011م التقيت بأحد العمداء في الجيش من المنطقة ذاتها ، ربطتنا به علاقة صداقة ، حينما تصادق أولئك النوع من البشر تشعر بفخر تجاه القبيلة اليمنية الضاربة في أعماق القيم ، تعارفنا حينما زار ذلك الضابط في البحرية صديق لي إلى شرعب وكانت صناديق العنب تصل إليه إلى الريف مع كل موسم.
كان حينها من ضباط الجيش المؤيد للتغيير ، ظل يتحدث بشدة عن الحوثي ، قال إن مسلحيه بإحدى عزل المديرية ، وهم اعداد قليلة رفضوا دعوات عُقال القبيلة بتجنيب المنطقة المعارك ، هاجموا قوات حكومية ، شعر صالح بالاهانة وأعطى توجيهات مباشرة لنجله بإحراق المنازل وأشجار العنب .
بني حشيش هي مزارع غنية بالعنب وتمتد لمساحات زراعية كبيرة وتغطي ما تحتاجه اليمن من عدن الى صعدة لهذه الفاكهة، ويعمل معظم أبنائها في زراعته والمتاجرة فيه ، ولا تكاد ترى الدولة فيها.
تاريخياً ، تحمل القبيلة عداوة تاريخية مع الإمامة ، في عام 1948 كان الرجل الثاني إلى جانب القردعي في أول ثورة مسلحة ضد الإماميين وقضت حينها على الإمام يحيى إسمه محمد قايد الحسيني من رجام بني حشيش، دشنت بني حشيش إلى جانب مأرب أول ثورة حقيقية مسلحة للجمهورية اليمنية الجديدة .
ومثلما كانت في عمق الثورة الأولى ، تتواجد اليوم في معركة استعادة الدولة ، اتصلت قبل أيام بقيادي إصلاحي من بيت أعرق الأسر في القبيلة ، اقتحم الحوثيون منزله وطاردوه وأولاده ، قال ان لديه قائمة طويلة بالإنتهاكات الحوثية في المديرية ، كان يتحدث بقهر واستغراب عن تصرفات هولاء النوع من البشر .
تساءل بحرقة أثناء الحديث عن تعز : "هولاء الهمج يقولو ان عدن وتعز دواعش ..لو هولاء دواعش منهم المتحضرين قلدك الله"، قال ان اثنين من أقاربه استشهدا في مأرب ودفنا هناك دفاعاً عن اليمن .
يوجد لدى الحوثي مناصرين ومقاتلين في المديرية مثلما هم موجودين في صبر تعز وماوية والرضمة في إب وشرعب السلام في تعز ومثلما يوجد الهمج -حسب وصف إبن القبيلة- في كل مكان .
يوجد في القبيلة ايضا تنوع سياسي وايديولوجي ؛ الإصلاح والإشتراكي والسلفيين والمستقلين والمؤتمر وغيرهم.
من الإجحاف إغلاق مناطق تسيطر عليها جماعة الحوثي بقوة السلاح على أنها مخازن بشرية لها، بني حشيش وأرحب وحتى إب وتعز مناطق ترفض المشروع الحوثي ولكنها تحت هيمنة السلاح والقهر وهي تخوض معركة الخلاص .