أمجد خليفة

استقبلنا عام 2015م بحفاوة عالية وأمل كبير في إمكانية التغيير لوطن أهلكه الفساد والظلم، ونلتمس واقعاً أفضل من الذي عشناه في السنوات الماضية وانتشال البلد من وحل العبثية والمحسوبية والإقصاء، وأن يكون عاماً شاهداً على انطلاقة حقيقية نحو تصحيح مسار الدولة بشكل يرنوا إلى تطلعات شعب عاش الويلات والآلام ولم يجد طعماً للراحة أو متنفس حقيقي لحياة أمنة مستقرة لمواطن لا يطالب بالكثير من أجل تحقيق ذلك وإنما يبحث عن أساسيات الحياة التي يتمناها جميع شعوب العالم أن يجدوها متوفرة في أوطانهم، استبشرنا خيراً بعامنا المنصرم في بدايته ونحن لا نعلم أننا سنشهد أسوأ أعوام الألفية الجديدة، بل وفي تاريخنا الحديث إن لم أكن مخطئاً، فالكل يعلم علم اليقين ما عانيناه خلاله من أحداث سوداوية مأساوية أنهكت جسد الوطن والمواطن، فلم يوجد بيت بعدن بشكل خاص واليمن بشكل عام إلا وذاق كأس المر وشرب من وعاء الألم، فمرت علينا أوقات أكثر من صعبة عانى فيها الجماد قبل الإنسان.

ففي بداية العام أقدمت الدولة بكل ثقلها على رسم ملامح الوطن لهذه السنة وأن يكون مميزاً بكل المقاييس خصوصاً وأنه قد مر عام على ختام فعاليات مؤتمر الحوار الوطني وبالتحديد في تاريخ 25/1/2014م، على أمل أن يشهد 2015م تطبيق بنود مخرجات الحوار على أرض الواقع وأن ترى نقاطه نور التنفيذ، والتي قد اتفق عليها جميع فئات الشعب من خلال المكونات والائتلافات والأحزاب والمستقلين والشباب وكذلك المرأة الذين مثلوا كل أطياف وشرائح الوطن، وقبل عام من الآن ونحن ننتظر تطبيق مخرجات الحوار عكف مجموعة من السياسيين تم اختيارهم من بوتقة مؤتمر الحوار ونصبهم زملاءهم من أعضاء مؤتمر الحوار أن يعملوا على صياغة مسودة الدستور للبلد، على ضوء حيثيات مخرجات الحوار، وأن نشهد ميلاداً جديداً لدولة مدنية حديثة، ثُرنا لأجل ذلك وقدمنا الغالي والنفيس في سبيل تحقيق غايات وأهداف رسمها شعب بأسره في جميع ساحات التغيير وميادين الحرية على مستوى أصقاع الجمهورية.

ما ذكرته آنفاً على توجه الدولة بأن يكون عاماً يتميز عن سابقيه هو اختيار الحكومة آنذاك لتسمية خاصة لعام 2015م بتوسيمه (عاماً للتعليم) وتم تدشين التوصيف التعليمي للعام بصفة رسمية رفيعة المستوى، وأن تشارك جميع مؤسسات الدولة بوزاراتها وإداراتها وأقسامها المختلفة على تدليل الصعاب في سبيل تحقيق الغاية المنشودة في أن يصبح العلم هو الهدف الأسمى والنواة الأساسية واللبنة الأولى في بناء الوطن وتعميره بطريقة يتم من خلالها تطوير الإنسان قبل تطوير الأرض، لما للتعليم من أهمية كبرى في بناء الشعوب ورُقي مجتمعاتها، فكان توجه صائب من قبل الدولة على أن يكون المسار الحقيقي لبناء الدولة المدنية الحديثة نواته الأولى الاهتمام بالتعليم والركيزة الأساسية لإيجاد قادم أجمل وأفضل للوطن بأكمله، وما شهدته دول (ماليزياـ إندونيسياـ تركيا) من تطور ملحوظ وأصبحت من دول العالم العظمى هو نشر ثقافة أهمية التعليم وتقوية الأسس التي تتيح لجميع الشعب على التعلم، وبالإضافة إلى جانب التعليم تم التركيز على تقوية الاقتصاد المحلي والاعتماد على موارد الدولة للاكتفاء الذاتي وعدم الاحتياج للمساعدات الخارجية، فكان حلم الشعب أن نصل إلى ما وصلوا إليه.

جميع المؤشرات كانت في تلك الآونة تصبوا نحو (تطلعات الشعب) الذي نادى بها مراراً من أجل تحقيقها، وضحى كثيراً لينعم بوطن مدني يزهو بالاستقرار والأمل المنشود، فتبخرت كل تلك التطلعات والأماني بعد أن أقدمت مليشيات الظلام بمحاولة للانقلاب على شرعية الوطن، واقحمونا في حرب دموية للانتقام من شعب كان كل همه وطموحه توفير لقمة عيشِه.

فسذاجة القوى الغاشمة سولت لهم أنفسهم بأن يحكمونا بالحديد والنار، وأن يصلوا للسلطة للعبث بمقدرات الوطن واقتسامها فيما بينهم، فتحالف رأس الفتنة المخلوع صالح وأتباعه مع صبي مرّان وأزلامه، فغدروا بنا وخانوا حلم الشعب، فكانوا كمصاصين دماء، فقاموا بانتهاك جميع الحقوق والحريات وكل عُرف يجعل للإنسان قيمة في هذا الوطن المكلوم

فبفضل الله عز وجل ومن ثم رجال الوطن المخلصين وقوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، أفسدت تلك المخططات وذهبت بها أدراج الرياح ولم يتمكنوا من تحقيق غايتهم في النيل من شعب يتنفس العزة والكرامة والحرية كما يتنفس الهواء، فلقناهم درساً لا يُنسى بالوطنية وحب البلد، وأذقناهم مر الهزيمة والانكسار، فها هو البلد على أعتاب طي صفحتهم إلى الأبد.