عبدالباسط القاعدي
لا تمتلك "داعش" جيشا تحتل به مدن ومحافظات وتثبت وجودها على الأرض من خلال نقاط تواجد ومراكز حكم وضبط يلجأ اليها الناس لفض الخصومات وحل المشاكل..
هي حركة زئبقية تنفذ ضربات خاطفة ثم تنسحبوتذوب، وهي تجيد فن صناعة الرعب وما بعده يتكفل به الاعلام.
تمتلك "داعش" صفحات على التويتر وحوائط في مواقع التواصل الاجتماعي من خلالها تنشر مصلقات تتبنى عمليات التفجير او الذبح هنا او هناك والبقية مهمة قنوات الاعلام العربي والعالمي..
تخدم قنوات التلفزة من حيث لا تدري هذه التنظيمات الإرهابية وتقدمها كفوبيا تسقط المدن وتهزم الجيوش.
في عدن على سبيل المثال من يتابع تداعيات العملية الإرهابية التي استهدفت موكب المحافظ بالأمس يعتقد وكأن جيشا "داعشيا" انتشر في كل نواحي المدينة ونصب نقاط التفتيش في الأزقة والأحياء.
والأمر ليس كذلك البتة فالناس في الشوارع، والأسواق مكتظة والحركة طبيعية، وعدن تنبض بالحياة.
اتصلت بأحد الزملاء في عدن بعد حادث اغتيال المحافظ وفي الاثناء تحدثنا عن الوضع في المدينة
التي تنشد السلام وتبحث عن الطمأنينة، أخبرني أن سواحل عدن وجبالها تبكي محافظها وتستنكر الجريمة وتندب حظها العاثر بسلطة هشة وضعيفة.
صحيح ان الحادث هز مدينة عدن وكل اليمن، لكن كالعادة هي ضربة خاطفة لكنها موجعة.. تكتفي الجهة المنفذة بإحاطة العملية بسرية بالغة قبل التنفيذ والتصوير اثناء التنفيذ والعودة الى الانترنت للترويج للعملية.
تنجح هذه الجماعات في التخييم في أحاديث الناس والسكن في مخاوفهم.
لا تكاد تجد أحد في عدن وفي كل اليمن يساند الفوضى التي حدثت بالأمس وستحدث كل يوم في حال ظل الفراغ الأمني هو سيد الموقف.
تخيلوا مدينة مكتظة بالسكان كعدن يقطنها اكثر من 2 مليون مواطن لا يوجد فيها شرطي واحد، ولا قسم شرطة واحد.. في هذه الحالة بإمكان عصابة من 10 أفراد ان تقض مضجع السكان وان تحيل حياتهم الى جحيم..
ويمكن القول ان الحوادث الأمنية والفوضى التي تعيشها مدينة عدن في ظل انعدام الأجهزة الأمنية والشرطية أمر طبيعي.. بل ان هذه الحوادث قليلة في وضع كهذا على اعتبار مدنية سكان عدن وانحيازهم للسكينة والهدوء والسلام.
منذ تحرير عدن في نهاية رمضان الفائت عاشت المدينة انفلاتا أمنيا غير مسبوقا وشهدت الكثير من حوادث السرقات والاغتيالات.
تعلن "داعش" عن تبني عمليات القتل والتفجير بينما لا يعلن أي طرف عن عمليات السرقة التي حدثت بعدن للبنوك والمصارف.
الفاعل طرف واحد والجريمة سواء كانت قتل ام سرقة عمل مدان وهو تعبير عن فراغ خلفه غياب الدولة بأجهزتها الأمنية والعسكرية فجاءت عصابات تحمل لافتات معينة لتملأ هذا الفراغ.
كثر الحديث عن دمج فصائل المقاومة في المدن المحررة بجهازي الشرطة والجيش لكن شيئا لم يحدث.. وكلما تأخر الأمر كلما تفاقم الأمر أكثر.
بمرور الزمن تتشكل جماعات المصالح وبما أنها تمتلك السلاح وتستند لشرعية المقاومة تصبح فوق الدولة ذاتها وتصبح معالجات إدماجها في الدولة مهمة شبه مستحيلة.
فصائل المقاومة في عدن متنوعة الى حد الخصومة أحيانا وتتجاذبها أطراف متصارعة وفي مثل هذه البيئة تزدهر "الفتوات" ويخلو الجو للعصابات وجماعات العنف والارهاب.
إن مسالة دمج فصائل المقاومة في جهازي الشرطة والجيش شرط ضروري لاستقرار عدن وكل المدن المحررة وحتى ذلك الحين سنسمع بين كل فترة واخرى حوادث العنف والتفجيرات والسرقات والجرائم المختلفة.