الأرشيف

الحياد في المواقف الأخلاقية مشاركة في الجريمة

الأرشيف
الأحد ، ٢٩ نوفمبر ٢٠١٥ الساعة ١٠:١٥ مساءً

ياسين العقلاني


في كثير من الأحيان، حينما يحتدم الصراع بين طرفين، يفضل الغالبية من الناس  البقاء على الحياد، بعيداً عن اتخاذ المواقف وتأييد أحد الأطراف، بحجة أن الحياد اسلم ، وأنه الحل الآمن للخروج من التعصب لهذا الطرف أو ذاك. دون النظر إلى طبيعة الخلاف ونوعية المشكلة ، وماهية الأطراف المتنازعة، ودون البحث في مدى وقوع الظلم على أحد الأطراف، أو وقوف الحق مع أحدهما دون الآخر ، وعدم التفريق بين القضايا التي تتطلب منك أن تكون محايداً ،والقضايا الأخرى التي يتطلب أن تكون منحازا "

                       

الحياد منهج يستخدمه الكثير ممن يريدون أن يبتعدوا عن تحمل مشاق الوقوف مع الحق، والصبر على ما يتبعه من عداء مع الظالم، أو الأذى الذي سيلحقه. أو ممن يريد أن يصف نفسه بالحيادية"، مما يجعله كمن يمسك العصا من المنتصف، بل ربما يكون دوره مخذلاً عن الوقوف مع الحق وأهله ، ولولا حياد الكثير من الناس ما إستمر الظالم في ممارسة ظلمه وإجرامه

 

في الصراع بين الحق والباطل، أو بين الظالم والمظلوم، لا يعتبر الحياد موقفاً إيجابياً نهائيا ، بل إنه يعتبر ضمن الوقوف مع الباطل؛ لأنه يخذل الآخرين عن الوقوف مع الحق وتأييده ، وإنحيازاً فعلي للجلاد ضد الضحية  بقصد او بدون قصد.

 إذا كنت محايدا في حالات الظلم فقد اخترت أن تكون بجانب الظالم ، كما قال  يقول أحد الكتاب.

الحياد وعدم نصرة الحق هو نوع من أنواع مناصرة الظالم  والوقوف معه؛ لأنه يضعف موقف المظلوم ، وينفر البعض عن نصرته، مما يقوي الظالم  ويزيد في ظلمه ، ولا فرق بين الظالم الذي يرتكب الجرائم وبين المحايد  الساكت عن قول للظالم أنت ظالم  وردعه

إن أسوا مكان في الجحيم مخصص لأولئك الذين يقفون على الحياد في المعارك الأخلاقية الكبرى" كما عبر الحقوقي الامريكي مارتن لوثر كنج ، ووتتسأل وتجيب غادة السمان  في روايتها  كوابيس بيروت  عن ما  ذنب الفئة الصامتة اوالمحايديين الذين وصفتهم بالمجرمين الاوائل  ؟

تقول : ذنبها الصمت والمسالمة والعيش في وهم الأمن.. كل عملية حياد هي مشاركة في عملية قتل يقوم بها ظالم ما ضد مظلوم ما.. الأكثرية الصامتة هي الأكثرية المجرمة.. انها تشكل إغراء لا يقاوم لممارسة الظلم عليها.. انها هي التي تثير غريزة الشر في نفوس الذئاب البشرية... المسالمه هي تحريض على القتل,

 

هذا اللبس في فهم مصلح الحياد " الذي هو بالاساس مصطلح إعلامي  ولا يلتزم به الإعلام نفسه جعل الكثير من اليمنيين والعرب  يتعاملون مع الضحية والجلاد بمسافة وأحدة ويساووا بينهما  وهذا الواقع الذي تعيشه الدول العربية واليمن خصوصا  نتاج الخذلان عن نصرة الضحية وردع الجلاد ولو بكلمة " أنت ظالم "

ونحن  نشاهد جماعة ميليشاوية مدججة بكل ادوات الموت قدمت من الجبال الشمالية تحمل مشروع طائفي وتدميري إستولت على مقدرات الدولة وجيرتها  لصالحها في حربها على اليمنيين وصنفتهم على أنهم إرهابيين ودواعش وأشعلت الحرب في كل المدن وإمتدت نيرانه حربها  إلى القرى والأرياف ، ونشاهد كل يوم مآسي وجرائم ترتكب بحق اليمنيين  ، حصار وقتل وتشريد ووصل ضررهم إلى كل اسرة ،ونجد أن هناك الكثير ممن سقطوا في فخ الحياد  وسوء الفهم ، لا مع هذا ولا  مع ذاك ويكتفوا بــ الله ينصر الحق 

 

اليمن في معركة أخلاقية ومصيرية وصراع  بين مجرم أثخن في سفك دماء اليمنيين ، وبين دولة وشعب يدافع عن حقه ووجوده ، معركة بين معتدي ، ومدافع عن نفسه وعرضه وأرضه ، بين قاتل يتفنن بالقتل أتى من جبال صنعاء وصعدة وذمار ليقتل  المدنيين في عدن وتعز ومارب وهنا وهناك ، وبين  مواطنين عاديين اجبروا على حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم وليس هناك مقارنة البتة حتى تضعهما في كفة واحدة , الحق واضح والباطل واضح وليس  هناك مجالاً للبحث عن صاحب الحق ، الساكت على ما تمارسه ميليشيا الحوثي والمخلوع بحق اليمنيين هو شريك في كل ما ترتكبه هذه الجماعة الفاشية من قتل وإرهاب الناس ..

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)