عمر أحمدعبدالله
في الوقت الذي تتسع فيه الأرضية التي تتمدد فيها الشرعية من قبضة الإنقلابيين تأتي الخطوة الهامة للتحالف العربي بانطلاق معركة تحرير مدينة تعز من اربعة محاور وفك الحصار عنها والإلتئام مع مقاومة الداخل ودحر الميليشيات المتبقية في اطراف المدينة وبسط نفوذ الدولة اليمنية بعيداً عن الميليشيات.
تعز هي مدينة يمنية في المرتفعات الجنوبية وهي العاصمة الثقافية لليمن وتقع في سفح جبل صبر الذي يبلغ ارتفاعه نحو3000 متر تبعد عن العاصمة صنعاء 256 كم، وهي مركز محافظة تعز أكبر محافظات اليمن سكاناً، وتعد ثالث مدينة يمنية من حيث عدد السكان.
تكتسب أهميتها باعتبارها العاصمة الثقافية لليمن حيث لعبت دوراً مهماً عبر تاريخ اليمن في المراحل القديمة والإسلامية والمعاصرة، وبلغت أوج مجدها عندما كانت عاصمة للدولة الرسولية (1229 – 1454 م)، تلك الدولة التي استطاعت بسط سيطرتها على اليمن بكامله بدأ تاريخها منذ قام سلطان الدولة الصليحية عبدالله بن محمد الصليحي ببناء قلعة القاهرة في النصف الأول من القرن السادس الهجري، وابتدأ في تمدينها أيام أخيه علي بن محمد الصليحي وتعتبر مدينة تعز من المدن اليمنية التي نشأت في الفترة الإسلامية مع زبيد وجبلة، وكانت مركزاً حربياً قبل أن ينتقل إليها للسكن من مدينة زبيد طوران شاه عقب إخضاعه لليمن وكان حصن تعز (قلعة القاهرة) هوالنواة الأولى للمدينة، و«ذي عدينة» الواقعة في جنوبها الغربي و»ثعبات» إلى شرقها.
لتعز دلالات ومرتكزات هامة في مستقبل الصراع في اليمن لا سيما كذلك تخفيف الضغط على التحالف بمهمات كثيرة في مقدمتها المساعدة الجادة والحقيقية في الإمساك بزمام الدولة وعملية البناء المؤسس على العلم والمعرفة وقبل ذلك الإنطلاق لتحرير كافة التراب اليمني والعمل على مساعدة الحكومة في تحركاتها الميدانية مستقبلاً.
ان الموقع الإستراتيجي لتعز يجعلها أمام نقطة إنطلاق هامة للتحالف بالنسبة لتحرير العاصمة صنعاء وكذلك محافظة الحديدة التي تعتبر من المدن الهامة التي يتوجب على التحالف الإسراع في تحريرها وانتزاعها من قبضة الميليشيات.
تعز على مدى السنوات الماضية لم يعرف عنها سوى أنها مدينة حضارية ثقافية سلمية يمتاز أبناؤها بحمل القلم والعقل والمنطق والحوار وبناء الدولة والسلم ونبذ الطائفية والمناطقية ودعم الوحدة والعمل لترسيخ المبادئ والقيم التي من شأنها ان تكون عاملاً في استمرار التعايش بين المكونات وعدم التعاطي مع الفتنة اياً كانت مصادرها.
تعز مدينة ثورية تحلم بدولة مدنية حديثة على اكتاف الشباب الذين ناضلوا ولايزالون يعملون داخلياً وخارجياً لذلك الهدف النبيل وكان من ضمن مسيرة تعز انطلاق شرارة ثورة التغيير التي أزاحت علي عبدالله صالح ونظامه شكلياً من سدة الحكم ولكنه لم يحدث واقعاً على الأرض كون سياسة الرئيس المخلوع كانت تقوم على ادارة عصابات عائلية تتبعه في السلك العسكري ما جعلهم يدينون له بالولاء حتى بعد خروجه من السلطة.
تعز تلك المدينة البيضاء التي هزت عرش المخلوع اصبحت منذ شهور حتى اليوم تحت نيران معسكرات المخلوع المحيطة بالمدينة وكذلك الوافدين من الميليشيات الحوثية بحيث اجتمع لتعز خصمان حقودان خصم طائفي سنحت له الفرصة بقتل أكبر عدد من خصومه طائفياً وكذلك الحقد الذي يكنه المخلوع لأبناء هذه المدينة انتقاماً منهم لقيامهم باشعال شرارة الثورة التي اطاحت بنظام حكمه.
كثيرة هي المجازر الشنيعة والبشعة التي هزت كيان الإنسانية والتي تعرضت لها تعز خلال الفترة السابقة وحينما عجز الحوثيون وقوات المخلوع في التقدم داخل المدينة تحصنوا في حدودها ومرتفعاتها بحيث كانت صواريخهم وقذائف حقدهم تمطر داخل المدينة ووسط الأحياء السكنية المكتظة فيسقط العشرات من المدنيين يومياً.
تعز تلك المدينة الثقافية الكبيرة وهي ثالث مدينة يمنية على ترابها اكثر من اربعة ملايين يمني ولا يوجد فيها اي تواجد للحوثيين أوذلك الفكر الإيراني فيها فهي مدينة سنية شافعية بامتياز وعلى تضاد تماماً مع المشروع الإيراني بدلالة الإلتفاف الشعبي حول المقاومة وعجز الميليشيات عن التمكن في دخول المدينة.
لذلك تجدر الإشارة بأن تحرير مدينة تعز لا يعني تحرير تعز فحسب بل بمعنى أدق تحرير اليمن وسقوط الإنقلاب وتلاشي المشروع الإيراني وبناء الدولة اليمنية الحديثة.