الأرشيف

اليمن بعد السقوط ما هو الحل ؟!!

الأرشيف
الثلاثاء ، ١٧ نوفمبر ٢٠١٥ الساعة ٠٦:٤٦ صباحاً

د احمد عبدالواحد الزنداني


بغض النظر عن فساد السلطة وسياسات القوى السياسية التي انتهت بثورة شعبية في العام 2011م, إلا أن اليمن كانت دولة, كان لها دستور ونظام, كان هناك قانون وكانت البلاد مستقلة لها سيادتها كغيرها من عشرات الدول فيما يسمى بالعالم الثالث, ونتيجة استعار الصراع السياسي وسباق الجيمع للاستقواء بالخارج لينتصر في معركته على الخصم المحلي تبخر كلما سبق, تلاشت مظاهر الدولة في اليمن لتختفي تماما, غُيب الدستور وعُطل عمليا, وجاء الحوار الوطني برعاية أجنبية ليُمّكن للقوى غير الشرعية من الهيمنة على المشهد السياسي مما أوصل البلاد إلى حافة الهاوية لتسقط بعدها في مستنقع الصراع الذي يرتقي الى الحرب الأهلية على أسس مناطقية وطائفية.

 

نتيجة لما سبق, فقدت البلاد سيادتها وباتت تحت الفصل السابع, ثم هوجمت عاصمة الدولة من قبل المليشيات المتمردة للحوثي وصالح لتحتل السلطة وتنتزعها من شرعية هشة استندت في سياساتها على الأماني الدولية وليس على الإرادة الشعبية, ليكتشف الجميع اننا امام سراب وليست سلطة حقيقية. توسعت مليشيات الحوثي وصالح لتسقط بقية الدولة ولم تتوقف الا في عدن بعد ان تدخلت قوى التحالف العربي لحماية أمنها القومي لتحرر عدن من قبضة المليشيات ولتشتعل في اليمن حروب الوكالة بين ايران والمملكة العربية السعودية على الأراض اليمنية, وبغض النظر عن النوايا, لكن هذا هو الواقع المُر الذي يعشه اليمن اليوم.

دخل اليمن في دوامة صراع في منطقة ملتهبة تعاني من صراعات لها مستويات مختلفة, فالمستوى الأول وهو الصراع المحلي وهو يتأثر إلى حد بعيد بالمستوى الثاني من الصراع وهو الصراع الإقليمي وبدوره, فهذا الأخير, يتأثر بالمستوى الثالث من الصراع وهو الصراع الدولي, ولكل فاعل دولي مصالح مختلفة يسعى لرعايتها بحسب مستوى قدرته وموقعه على سلم التراتيبية الدولية مما ينعكس سلبا وبشكل عميق على عملية حل الصراع في اليمن, وهنا لا يملك اليمنيون أي تأثير على مجريات الصراع خاصة في المستوى الإقليمي والدولي, وهذا يعني أن اليمن سقط في متاهة من الصراعات قد تمتد لعقود, وتتطلب للخروج منها استراتيجية جديدة ينبغي ان تسير عليها كل القوى الصادقة التي ترغب في انقاذ اليمن مما حل به سوى كانت تلك القوى, فردا او مؤسسة أو حتى دولة.

حتى نتفهم الاستراتيجية الجديدة علينا أن ندرك أن الإستراتيجية التي كانت تمارس من قبل القوى الحرة في اليمن قبل سقوط اليمن وربما اثناء سقوطها لتفادي السقوط اصبحت اليوم غير مجدية, وذلك نتيجة لتبدد وضياع القوة والقدرة المحلية في أتون الصراع المحلي وتشابكه مع الصراع الإقليمي والصراع الدولي الجاري على أرض اليمن اليوم, فلقد كانت تلك الاستراتيجية ترتكز على التمسك بثوابت البلاد لكنها اليوم, ونقولها بمرارة وحرقة, لم تعد مُجدية في هذه المرحلة من الصراع, صراع ما بعد السقوط, علما بأن خذلان تلك الاستراتيجية هو الذي أورد اليمن هذا المورد وأصاب سيادتها وامنها واستقرارها في مقتل.

اليوم نحن بحاجة الى تبني استراتيجية جديدة تقوم على قيمة كبرى لا يتمكن من معارضتها علنا أو الوقوف في وجهها أي من القوى المحلية أو الإقليمية أو الدولية, وعلى ضوءها يجب أن ترص الصفوف وتبنى السياسات العسكرية والاعلامية والدبلوماسية والقانونية بهدف تحرير اليمن واستعادتها. استعادتها كدولة , استعادة سيادتها من براثن الفصل السابع لمجلس الأمن, واستعادة مصيرها من مأزق الصراع الإقليمي, واستعادة استقرارها من نير الاقتتال الداخلي, هذه القيمة التي يجب ان ينادي بها الجميع ويتمسك بها ويضعها كل يمني صوب عينيه هي الحرية, وعلى هذا الأساس يجب أن يوضع كل ما عداها جانبا غير قابل للنقاش والجدال, غير قابل للتنفيذ أو بناء السياسات التكتيكية والاستراتيجية لتحرير اليمن, ببساطة لانه, مهما بلغت اهميته, سيكون جزءا من المشكلة وليس جزءا من الحل, لأنه سيساعد على إذكاء الصراع وليس على حله, لأنه سيكون بوابة للتدخل واستمرار الصراع والنفخ في كير الإقتتال الداخلي والصراع الإقليمي والدولي في اليمن , كما أنه لن يُنفذ ولن يُنظر اليه, مهما علا شأنه, الا بعد ان يستعيد اليمني حريته.

نعني بالحرية هنا الحق في الإختيار, فهي وحدها من ستساعد على رص الصفوف والتئام الجروح ونبذ مشعلي الحروب وعزلهم وكشفهم أمام الشعب بهدف توحيد الجبهة الداخلية لأنقاذ اليمن فالجميع يريد الحرية والأغلبية الساحقة مأخوذة بسحر الحرية وألقها, وعلى هذا الأساس لابد من العمل على خلق تيار جارف جديد, ثورة جديدة, تنادي بالحرية أولا ثم تطرح كل الرؤى على طاولة الحوار لكن بعد الحرية. الحرية, أي الحق في الأختيار, لن تأتي إلا عبر رص الصفوف للدفاع عن حق الشعب اليمني في اختيار سلطة جديدة تعكس الإرادة الشعبية للشعب اليمني فيُقر ما يشاء ويُرسي اي ثوابت يريدها دون قيد او شرط.

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)