محمد عبدالله القادري
تتميز محافظة إب بتقديم الخدمات الانسانية والتسابق إلى صنع المعروف والتجاوب مع فعل الخير ، والتعاون والتضامن قدر المستطاع ، وعندما اندلعت الحرب في اليمن بين قوات الانقلاب الحوثية وبين المقاومة الشعبية المسنودة بدول التحالف العربي، قدم إلى محافظة إب مئات الآلاف من النازحين الذين جاءوا إليها من عدة محافظات اليمن ، وكعادتهم هرع ابناء محافظة إب لاستقبالهم وايوائهم واغاثتهم واطعامهم حتى شعر أولئك النازحون انهم في مسكنهم وبين اهلهم ، حتى انني اضطررت ان اترك غرفتي التي كنت استأجرها في مدينة إب كسكن لي بحكم عملي في المدينة ، فغادرتها وتركتها للنازحين القادمين من عدن ، وعدت إلى السكن في الريف الذي كنت اسافر منه كل يوم عشرات الكيلوا مترات إلى المدينة ، ومما أثلج صدري انني رأيت اصدقاءي في القطاع الطلابي للمؤتمر الشعبي العام بجامعة إب ، يتسابقون لاستقبال النازحين وحمل امتعتهم إلى مقر المؤتمر ليجعلوا مقر الحزب منزلاً للنازحين ومسكن.
اراد ابناء محافظة إب ان يقدموا نموذج انساني للنازحين ولكن الحوثي وقف حائل وعائق ومانع امام تقديم ذلك النموذج ، فمايحدث في إب هو قيام الجماعة الحوثية بعملية حصار للنازحين من خلال استيلائهم على المساعدات والمعونات التي لم يعطوا النازحين سوى نسبة بسيطة وشئ يسير ، وايضاً سوء المعاملة مع النازحين في المخيمات التي وصلت إلى حد قيام مشرفي المخيمات بالاعتداء بالضرب على النازح في حالة طلب حقوقه ، وهذا ماجعل ابناء إب يقدمون مساعدتهم واعانتهم للحوثيين وليس للنازحين ، بينما اصبح النازحون يعانون ويلات الحصار ويشتكون سوء المعاملة.
النازحون في إب يعانون من الحوثي مرتين ، فالأولى: يعانون من "الحوثي المعتدي" الذي قصف عليهم وشن حربه على امانهم واستقرارهم وعيشهم الكريم وجعلهم يتركون منازلهم ومناطقهم واعمالهم ،، والثانية : يعانون من "الحوثي المحاصر" الذي يستولي ويستحوذ ويأخذ كل مايمنح لهم من مساعدات ومعونات واغاثات في اماكن نزوحهم وهو ماجعلهم يبيتون جائعون ومضطهدون في حالة يرثى لها ،، وهنا اصبح الحوثي هو سبب ماحصلوا عليه في الاماكن التي نزحوا منها ، وهو سبب مايعانونه في الاماكن التي نزحوا إليها ، فقد جعلهم يهربون من الموت إلى الموت ، ومن الخوف إلى الخوف ، ومن الحصار إلى الحصار ، فالحوثي الذي يحاصر اهالي تعز الذين لم ينزحوا من تعز ، هو نفسه الحوثي الذي يحاصر اهالي تعز الذين نرحوا إلى إب ، ويستمر الحصار وستجد الحصار الحوثي في كل مكان .
الحوثي يستخدم النازحين في إب كوسيلتين ، الأولى: يستخدمهم "كوسيلة حماية" وذلك من خلال استدلاله بهم في القاءه لخطاب التعاطف الذي يتضمن ان محافظة إب فيها الكثير من النازحين ، ويهدف بذلك إلى التفاف الجميع لحماية إب من المقاومة باعتبار ذلك حماية للنازحين ، وعندما ترى معاملة الحوثي للنازح في إب ستعرف ان الحماية للنازحين معناها الحماية للحوثيين في إب ، ويحتاج النازح في إب لمن يحميه من الحوثي وليس لمن يحميه من المقاومة ،، والوسيلة الثانية : استخدامهم "كوسيلة استثمار" وذلك من خلال دعوة كل المنظمات الحقوقية والاغاثية ورجال الاعمال وفاعلي الخير واستغلال مايقدمونه في صالح الجماعة الحوثية وقيادتها ، وعندما ترى الحوثي يلهف مساعدات ومعونات الاغاثة ستسأل نفسك هل النازح في إب هو ذلك الحوثي الذي جاء من عمران وصعدة ؟؟؟؟
مخيمات النزوح في إب تدار بطريقة غامضة ، ومصروفاتها غير واضحة ، وعملية دعمها غير شفافة ، ومايحصل فيها هو ممارسة فساد ونهب وسطو ومصادرة ، وكم من مرة اختلف بعض القائمين على المخيمات مع قيادة الجماعة الحوثية بسبب التقاسم في قضايا فساد ، وكم من مرة استولت قيادة الجماعة الحوثية على الاغاثات ولعل اهمها ماقدمته مؤسسة البيحاني السلفية للنازحين ولكن الحوثي صادر تلك المساعدات لجيبه الخاص وهو ماجعل مطابخ المخيمات تتوقف وينام النازحون عدة ايام جوعى بدون طعام .
الحقيقة ان قيادة الجماعة الحوثية في إب عقدت اجتماع سري لها في بداية الاحداث لمناقشة موضوع النازحين ، وخرجوا من الاجتماع بثلاثة بنود اتفقوا عليها ! فالبند الاول: الاستيلاء على نسبة ??? من الاغاثاث والمعونات والمساعدات ومصادرتها كمجهود حربي لصالح الميليشيات وترك للنازحين نسبة ?? فقط من أي مساعدات تقدم لهم ،، والبند الثاني : استغلال العديد من النازحين واستقطابهم وضمهم إلى. اللجان الشعبية والزج بهم إلى صفوف القتال ،،، والبند الثالث: استغلال فرصة مخيمات النزوح لإقامة انشطة سرية تهدف إلى غرس افكار الجماعة الحوثية والتأثير العقائدي ! وهذا هو خلاصة ماتهدف إليه جماعة الحوثي تجاه النازحين في محافظة إب .