صادق ناشر
بعد تحرير مدينة عدن وعدد آخر من المناطق الجنوبية في اليمن خلال شهر يوليو/تموز الماضي، ظن كثيرون أن معركة تعز ستحسم بعدها بأيام، إن لم تكن بأسابيع قليلة؛ فقد كانت ميليشيات الحوثيين وقوات صالح تترنح تحت ضربات المقاومة والتحالف العربي، بخاصة وأن هذه القوات كانت تراهن على البقاء لفترة أطول في مدينة عدن باعتبارها منطقة استراتيجية في أي عملية تفاوض سياسية ترعاها الأمم المتحدة، إلا أن معركة تعز تم تأجيلها لأسباب عدة لا تبدو مفهومة لدى كثيرين.
اليوم تنزف تعز جراء استمرار المعارك الضارية التي تدور في هذه المحافظة التي تدفع ثمن تردد الكثير من التيارات السياسية، من بينها تيار داخل الحكومة لم يدرك أن تحرير عدن ولحج لن يكون له أية قيمة في حال بقيت تعز تحت رحمة الميليشيات.
منذ أشهر والدم لا يتوقف جراء الجرائم التي يرتكبها المتمردون، وحال المدينة تزداد سوءاً، وكل المحاولات بإسعاف المدينة المحاصرة، بتوفير الماء والغذاء باءت بالفشل، فيما اكتفت الشرعية بإصدار التصريحات المتفائلة بقرب تحرير المدينة.
اليوم تحتاج المدينة إلى جدية أكبر في التعاطي مع أزمتها التي تعانيها منذ أن بدأ الحوثيون وقوات صالح بشن حرب شاملة على المدن قبل نحو سبعة أشهر، وهي الحرب التي فتحت الأبواب أمام خيارات مواجهة التمرد باستنجاد الشرعية بقوات التحالف العربي لطرد الانقلابيين من المدن التي قاموا بالسيطرة عليها بقوة السلاح.
وبعد تحرير مدينة عدن ولحج، اعتقد كثيرون أن الطريق بات سالكاً أمام مهمة تحرير تعز، لسببين رئيسيين، الأول تخليص المدينة من بطش الانقلابيين وكسب المعركة ضدهم، والثاني تأمين مدينة عدن ولحج، وهما المحافظتان اللتان ستبقيان مهددتين في حال لم يتم تحرير مدينة تعز. فكل القوات التي تتواجد في المنطقة الواقعة بين تعز ولحج لا تزال تشكل خطراً على الوضع في مدينة عدن وما حولها.
من هنا تشكل مسألة تحرير تعز مهمة ملحة أمام الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته برئاسة خالد بحاح، وأمام التحالف العربي ، بخاصة بعد أن تمكن من مساعدة المقاومة الشعبية في تحرير منطقة باب المندب وذباب وصار على بعد خطوات من المخا، وجميعها تقع ضمن الحدود الإدارية لمحافظة تعز.
ترك تعز تنزف من دون مساعدتها بشكل جاد يضع الحكومة أمام اختبار حقيقي ، صحيح أن هناك تخوفات لمرحلة ما بعد التحرير ، لكن لا بد أن يتم وضع كل شيء وبوضوح قبل البدء بالتحرك لتحرير المدينة، وبالتالي التعاطي مع القضية بنوع من الحزم حتى يشعر المواطن اليمني بأن الحكومة جادة في استعادة زمام المبادرة والضرب بيد من حديد لإعادة الاستقرار في ربوع البلاد.