الأرشيف

ثنائية «اليمن والخليج»

الأرشيف
الأحد ، ٢٥ اكتوبر ٢٠١٥ الساعة ١٢:٥١ مساءً

صادق ناشر


ليست المرة الأولى التي يتم خلالها تناول ثنائية «اليمن والخليج»، فقد أثيرت هذه القضية كثيراً خلال السنوات التي أعقبت إعلان دولة الوحدة في اليمن، وحرب الخليج الثانية عام 1990، والحرب الأهلية التي شهدها اليمن عام 1994، وأخيراً حرب الحوثيين بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء قبل نحو عام، وهي الحرب التي قضت على الكثير من الروابط المشتركة بين اليمنيين ودول الخليج.

 

لا أحد يستطيع إنكار الترابط الإنساني والجغرافي بين اليمن والخليج، وقد نبه الكثير من الكتاب والمفكرين، سواء من اليمن أو من دول الخليج إلى الخلل الذي أصاب هذا الترابط، وشددوا على قيمة اليمن وأهميته في النسيج الخليجي، لأنه يشكل ضمانة لعدم انزلاق المنطقة بأسرها إلى براثن نفوذ قوى إقليمية أخرى، لا يغفلها عاقل.

 

لابد من الحديث بنوع من الصراحة عن الوضع الذي قاد الخليج إلى إهمال جنوبه، ونقصد به اليمن، تحت مبررات عدة، وهو الإهمال الذي أوصل الوضع إلى ما نعيشه اليوم، فقد كان احتواء اليمن اقتصادياً وتأهيله، ليكون متساوياً مع الوضع المعيشي لمنطقة الخليج، أو على الأقل قريباً منه، كفيلاً بتجنيب اليمن والمنطقة بأكملها هذه التضحيات الكبيرة التي يقدمها أهل الخليج من إمكاناتهم المادية وخزانهم البشري.

 

ولنا مثال في الاتحاد الأوروبي الذي يضم دولاً غنية، وأخرى فقيرة، أنماط الحكم فيها مختلفة، ومع ذلك فإن الوحدة التي تمت بين دوله كان أساسها الانتماء إلى أوروبا.

 

صحيح أن النظام في اليمن لم يكن مشابهاً لأنظمة دول الخليج، لكن كان بالإمكان تأهيله وعدم وضعه في زاوية ضيقة دفعت به إلى أحضان قوى أخرى أكثر دموية، ومنها تنظيمات متطرفة، إضافة إلى دول تريد الانتقام من المنطقة بأكملها.

 

اليوم، وبعد الذي حدث ويحدث في اليمن من مآسٍ وحروب، هل حان الوقت إلى إعادة النظر في «ثنائية اليمن والخليج»؟ وإعادة النظر لا تكمن في جزئية ضم اليمن إلى دول مجلس التعاون أو لا، بقدر ما يتطلب إعادة نظر شاملة حيال نظرة الخليج إلى اليمن، وترجمة ما يتم التعبير عنه من تصريحات لقادة دول المجلس من أن اليمن عمق استراتيجي للخليج، وما يضره سيلحق الضرر بدول الخليج كافة.

 

إعادة تأهيل اليمن بعد تخليصه من قبضة الحوثيين، عاجلاً أم آجلاً، مسألة تحتاج إلى نظرة شاملة تستفيد من الأخطاء التي حدثت في السابق، عندما تم إهمال هذا الجزء من المنطقة، فذلك ضمان لعدم دخول المنطقة في دوامة جديدة من الأزمات تستغلها قوى إقليمية للنفاذ إلى هذا النسيج المتآلف.

 

ويمكن البناء على الحضور القوي لدولة الإمارات، وما تقوم به من إعادة بناء ما خربته حرب الحوثيين صالح، في مدينة عدن في إعادة بناء اليمن ككل، ذلك أن ما تقوم به الإمارات من تأهيل للبنية التحتية لهذه المدينة، يؤكد أنه متى توفرت الإرادة يمكن عمل كل شيء.

 

صحيح أن التركة ثقيلة، لكن إهمال اليمن في هذه المرحلة سيزيد من متاعب الخليج، وعلينا التذكير بأن خطة الحوثيين كانت ولاتزال تتمثل في القضاء على أنظمة دول الخليج كافة، وهو أمر لا يخفيه الحوثيون، سواء بمواقفهم السياسية أو بمواقفهم العسكرية منذ استيلائهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول من العام الماضي.

الخليج

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)