الأرشيف

اليمن بين أنياب الانقلاب وأظافر الحل السياسي!!

الأرشيف
السبت ، ٢٤ اكتوبر ٢٠١٥ الساعة ١٠:١٦ مساءً

عبد الواسع الفاتكي


بداية لا أحد من اليمنيين، يعترض على أي حوار، ينتج حلولا لمشاكلهم، وإذا كان المجتمع الدولي جادا في مساعدة اليمنيين، وسلطاتهم الشرعية، في إنهاء الاحتراب الداخلي، وفرض النظام والاستقرار في البلاد، وليست هناك أجندة خفية، تنفذ تحت يافطة مؤتمرات الحوار، برعاية أممية، لصالح قوى داخلية أو خارجية، تتناقض مصالحها مع مصالح اليمنيين، فليدرك المجتمع الدولي، أن المشكلة الحقيقية في اليمن، لا صلة لها بأروقة السياسة، وأن ما بجري ليس خلافا سياسيا، وإنما هو نتاج، وجود مليشيات مسلحة خارجة عن الدستور والقانون، ومنتهكة للقيم الإنسانية، بعضها تلقى دروسا إرهابية في كهوف صعدة، والأخرى في قصور سنحان، فهذه لا مكان لها في أي حوار، مع المخلصين من أبناء اليمن الذين لا ولاء لهم إلا لليمن، وليس لديهم مرشد أو زعيم.

 


ثمة معايير صريحة، تؤهل للدخول في مفاوضات لحلول سياسية مع مليشيات الانقلاب، كأن يعلن الانقلابيون قبولهم بتنفيذ القرار الدولي 2216، والبدء بتنفيذه بالإفراج عن المعتقلين، ووقف قصف المدن والانسحاب منها؛ لإفساح المجال أمام عودة الشرعية، ومن ثم تسليم السلاح، أو أن يصدروا بيانا، يقرون فيه، بخطئهم في حربهم على اليمنيين معلنين وقف الحرب، ومطالبتهم بالعفو العام عنهم، وموقعين على اتفاقية، تقر نتائج الحرب لصالح الشرعية والتحالف العربي، أو أن يبسط الجيش الوطني والمقاومة، على كامل التراب الوطني، بخلاف ذلك، فإن المفاوضات السياسية مع المليشيات الانقلابية، في ظل عدم سيطرة قوات الشرعية على الأرض، في غالبية المحافظات الشمالية، تعتبر إنقاذا لها، تخرجها من دائرة التمرد والملاحقة، بالإضافة إلى أن المفاوضات معها، قبل إلغاء إجراءتها الانقلابية، يجعل الشرعية محل تفاوض، ويعطي غطاء لتصرفات وقرارات الانقلابيين .

 


لو افترضنا أن الحل الحرب التي تدور رحاها في اليمن، ستحل سياسيا، فهل هذا الحل سيكن واحدا، لكل من الشعب اليمني، ومقاومته والتحالف العربي، ومليشيات الانقلاب، أم سيكن هناك حلان، واحد يخدم مليشيات الانقلاب والآخر ضدها؟ بالطبع في ظل استمرار محاصرة وقصف المليشيات للمدن، لن يكن الحل نتاج تفاهمات سياسية، سيكن كأي حل بين قوى متحاربة، ونتاج موازين قائمة على الأرض.

 


الجرائم التي ترتكبها المليشيات، بحق النساء والأطفال اليمنيين، مترافقة مع إعلانها قبول الذهاب لمفاوضات سياسية، تعتبر تكذيبا سافرا، لما تعلنه من استعداد لبلوغ تسوية سياسية، ولنجاح أي حل سياسي في اليمن، لابد من توفر شرطين: الأول ضرورة وجود تغير ملموس في سياسة الغرب وإيران، لتكن أقل عدائية للشعب اليمني وجيرانه، والثاني تغير موازين القوى على الأرض، لصالح الجيش الوطني والمقاومة، فلا يكفي مطالبة المليشيات التراجع عن انقلابها، ما لم تحدث عمليات عسكرية، تجبرها على الانصياع لإرادة الشعب، أي بالمختصر المفيد إنهاء الانقلاب.

 


حد العمل السياسي الذي لا يسمح بالخروج عنه، هو الجمهورية اليمنية، وهذا لا ينطبق على الانقلابيين الذين يخدمون ملالي طهران، ويعملون تحت إمرتهم، وأطراف الحل السياسي، هي المكونات السياسية اليمنية، بكل توجهاتها ومشاربها الوطنية، مادامت منضوية في إطار الدستور والقانون، أما إذا كانت جماعات مسلحة متقوقعة حول فكر أو شخص كما هو الحال مع الانقلابيين، فجميع قواعد ومبادئ الحل السياسي، تؤكد استبعادها من العملية السياسية برمتها، مادامت هذه الجماعات، تختزل الوطن بفكرها وشخوصها، فكان من الأجدر وضع ضوابط، ترشد مشاركتها في الحلول السياسية، وتراقب تصرفاتها، أما أن يغض الطرف عن انتهاكاتها،  وخروجها عن المواثيق الدولية والوطنية، مع الحرص على مشاركتها في الحلول التي تهدمها، واعتبار حضورها فيها يمنحها شرعية دولية ووطنية، ما هو إلا عبوة مؤقتة لنسف أي حلول أو اتفاقيات سياسية، تنفجر متى أراد لها صانعوها.

 


تكتفي الأمم المتحدة بالتنظير، بأن الحل السياسي في اليمن، هو الممكن والوحيد، في مقابل حل عسكري، ينظر إليه،  بأنه مستحيل، وتكتنفه مخاوف من احتمالات الخروج عن السيطرة، وكأن الانقلاب تحت السيطرة، أو أنه لم يتسبب في خروج الوضع عن السيطرة، لقد أصبح من المؤكد، أن الحل السياسي الذي تروج له وتدعمه الدوائر الغربية، هو إنشاء ورعاية جماعة مذهبية، تكن سيفا مسلطا على الشعب اليمني، وخنجرا في خاصرة الخليج، لذلك ليس أمام اليمنيين، سوى التوحد في الصفوف والتوجهات؛ لمواجهة حكم العصابات، وليس أمام التحالف العربي إلا دعم نضال اليمنيين، بكل السبل، وعدم رهن كفاحهم بارتياح المجتمع الدولي، وعليه أن يدرك أن التحافه بعباءة الأمم المتحدة،  والسعي لنيل رضاها مهزلة واستخفاف بتضحيات اليمنيين، وهدر لكل ما بذله التحالف العربي، في سبيل إعادة المشهد السياسي في اليمن لوضعه الطبيعي.

* رأي اليوم

 أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)
أمريكا تتهم إيران بزعزعة الاستقرار في المنطقة ( كاريكاتير)