أبوبكر أحمد
عقب قرار الحوثيين الخروج من جغرافيتهم الطبيعية والتمدد باتجاه مناطق أخرى في اليمن، تساءل قليلون عن سر القوة الضاربة لجماعة "أنصار الله" التي مكنتهم من التقدم السريع في أكثر من موقع، ما فتح شهية الحوثيين إلى ابتلاع العاصمة صنعاء ومعها الشرعية الدستورية بمؤسساتها وشخوصها.
ممارسات الحوثيين بعد ذلك التاريخ أزالت بعض الغموض عن مصادر الدعم المنكر من خلال اتفاقيات وقعت مع إيران بمسؤولين من الدرجة الثانية لأن رئيسي الجمهورية والحكومة كانا تحت الإقامة الجبرية. وحينها بات النفي الحوثي للدعم الإيراني أشبه بمحاولات لي عنق الحقيقة.
في مواجهة الشعب
وتفاعل عموم اليمن مع التحركات الحوثية من خلال تظاهرات شعبية وصفت الحالة بالانقلاب مكتمل الأركان.
وكانت الشعارات المؤيدة للرئيس عبدربه منصور هادي تسمع حتى في جنوب اليمن الذي يحتضن حراكا جنوبيا يتحمس لفك الارتباط مع الشمال.
وظن الحراك في الراهن اليمني فرصة لانتزاع دولته المستقلة مستفيدا من حالة الضعف التي تعيشها الدولة، والتي وصلت حدا أوقف اليمن على حافة التفكك ربما لأكثر من دولة.
وعندما تمكن "هادي" من مغادرة صنعاء والوصول إلى عدن، وجد خيام الحراك تشهد ازديادا في أعداد المتظاهرين الداعمين لفكرة الاستقلال.
وتوقع وقتها أكثر المراقبين بعدا عن الملف اليمني أن الرئيس سيعاني مشكلات في إدارة البلاد انطلاقا من عدن، لأنه في هذه الحالة سيفرض على الأقل على الجنوبيين الانتظار إن لم يكن التخلي عن ذاك الحلم.
لكن الواقع أظهر انقساما في الموقف الجنوبي من الرئيس، فالبعض أبدى تفهما للالتزامات الدولية المتصلة بالمبادرة الخليجية والدور المحوري للرئيس، فكانت مواقفهم أكثر لينا من المتوقع مع التعبير عن مخاوف من تحول عدن إلى منطقة لتصفية الحسابات في وقت لا يستثني فيه الطموح الحوثي أحدا.
تيار آخر ظل متمسكا بمطالبه القديمة مقتصرا بالترحيب بالرئيس في حدود كونه من الجنوب، كما حاول هذا التيار الاستفادة من الأضواء التي تحولت نحو عدن بعد انتقال الرئيس إليها لتسويق مطالبهم للسياسيين والصحفيين القادمين من جميع بقاع الدنيا.
الحوثيون على أبواب الجنوب
الآن وبعد أن وضع الحوثيون قدما خارج حدود المحافظات الجنوبية وأخرى داخلها من خلال السيطرة على بعض المواقع في محافظات الضالع ولحج والتهديد بشكل مباشر لعدن، تحول الخطاب الجنوبي دون ضغط من أحد في الداخل أو الخارج إلا من ضغط صوت "السلاح الحوثي" الذي يهدد باغتيال القضية الجنوبية بشكل كامل ويعيد إلى الأذهان ذكريات حرب عام 1994 .
وبمنطق الأزمة، تدافع الجميع لحماية الجنوب بشكل التقى فيه مسلحو الحراك و اللجان في ذات الخندق الذي سيحمي الجنوب والرئيس والشرعية معا.
* سكاي نيوز عربية