عبدالواسع الفاتكي
مر عام ونيف على الخراب، والدمار ، وأنهار من الدماء للشيوخ ، والأطفال ، والنساء ، سفكتها مليشيات الحوثيين ، وحليفهم علي عبدالله صالح ، والتي ما فتئت توزع مشاهد الحزن، وبواعث الألم ، قاطعة عن اليمنيين كل سبل الحياة، طالما ظلوا مقاومين لمشاريع الموت ، التي لا تجيد تلك المليشيات سواها ، ما جعلها حريصة على ارتكاب كل فعل شنيع ، أو جرم قبيح، يقض مضاجع اليمنيين، وينغص عليهم حياتهم، ويكدر عيشهم ؛ فحرصت على إلصاق التهم على المناوئين لها جزافا زرافات، ووحدانا ، واختلقت من المبررات ؛ لتملأ معتقلاتها، ما ينم عن إفلاسها ، ويثير الدهشة ، والاستغراب ، فلقد وصل الحال بها إلى الاعتقال بمبرر الابتسام.
أن تبتسم كاف لأن تلقي عليك مليشيات الحوثي ، وعلي عبدالله صالح القبض ، وتقتادك لمعتقلاتها، ويحقق معك ، بتهمة العمالة لعدوان التحالف ، ومرتزقته في الداخل ، لا يأخذكم العجب ، فأنا لا أنسج أحداثا من مخيلتي، فقد حدثني شخص، اعتقلته مليشيات الانقلاب، وأفرجت عنه ، أنه رأى محققا ، يستجوب مجموعة من المعتقلين، بتهمة الابتسامة ، إذ أن رئيس مجلس محلي لإحدى المديريات ، موال للمليشيات ، قصفت طائرات التحالف منزله ، أبلغ المليشيات عنهم ، بأنهم وقفوا على ركام منزله ، وكانوا مبتسمين ، وعند استجوابهم ، وجه إليهم السؤال التالي : لماذا ابتسمتم، وأنتم تنظرون لبقايا المنزل المقصوف ؟. وأمام هذا السؤال المضحك المبكي ، انقسم المعتقلون لقسمين : منهم من أقسم ألا يبتسم مرة أخرى ، ومنهم من أنكر ابتسامه ، لكن المحقق هدته بصيرته ، لأن يتهمهم بتهمة أخرى من العيار الثقيل ، فقال لهم : أنتم شاركتم في مسيرة الحياة من تعز لصنعاء في 2011م ، فامكثوا معنا، ريثما ينظر في أمركم ، بهذه العبارات يستبين مدى التحالف الوثيق بين الحوثيين والمخلوع صالح، ومقدار حقد وانتقام انقلاب 21سبتمبر 2014م على ثوار وثورة فبراير 2011م.
ومن منطلق النضال الوطني لمليشيات الانقلاب !! ومحاربتها ما تسميه أعوان العدوان في الداخل !! قام أحد مسلحيها ، بتصويب بندقيته نحو طفل ، لا يتجاوز عمره عشر سنوات، رأى طائرة تحلق في السماء، فأراد أن يلفت نظر من بجواره لها ، فأومأ بإصبعه نحوها ، مما أثار حفيظة المسلح ، وقرر أن يضع حدا لهذا التآمر على الوطن، فعزم على قتل الطفل، الذي أسرع ، واختبأ وراء شاب كان بجواره ، والذي تحمل كل الإساءات اللفظية الصادرة من المسلح ؛ لإقناعه بأن الطفل أصم أبكم لا يفقه شيئا ، وتجمع الناس معززين موقف الشاب ، وبصعوبة بالغة اقتنع الحوثي ، وانصرف ، باحثا عن عميل آخر يطهر منه الوطن.
لقد أضافت مليشيات الانقلاب معاييرا أخرى للجريمة ، فمن ابتسم اعتقل ، ومن أشار قتل، وليس من المستغرب أن تلوم اليمنيين على الابتسام، بعد أن وزعت الحزن عليهم في كل مكان ، أما أن تعتقلهم بسببه ، فهذا قمة عجزها ، ولسان حالها يقول : بعد كل ما صنعته فيهم من الألم ، والفوضى، والاقتتال ، مازالوا يبتسمون ، ويأملون بالأمن ، والتنمية والاستقرار، كبر مقتا أن يبتسموا ، وهي تسومهم سوء العذاب ، بالتأكيد سلبت تلكم المليشيات البسمة ، من شفاه كثير من اليمنيين ، لكنها لم ولن تسلب إرادة المناضلين والأحرار منهم ، الذين عقدوا أمرهم ، على ألا يبتسموا ، حتى يخلصوا وطنهم من عبث المليشيات ، ويعيدوه من ضيق العنف، والدمار ، لسعة الأمن والإعمار .