هائل سلام
خطوة التفافية في تعز، عبر الوازعية، من أجل الوصول، مرة أخرى، الى محافظات الجنوب، وخاصة لحج وعدن.
لامعنى لهكذا خطوة، الا في كونها تهديدية،" بإيعاز من مدبري مفاوضات مسقط، على مايبدو"، تهدف الى فرض صيغة للتفاوض على أساس شمال/جنوب، أي على أساس إقليمين، تنفيذا لوثيقة بنعمر لحل القضية الجنوبية، وبالتالي الى دفن مشروع هادي الإتحادي متعدد الأقاليم.
ولأجله لن يتورعوا، كالعادة، عن خوض معارك، على خط حدود ماقبل 1990يقتل فيها، مرة أخرى كذلك، " ماتيسر" من اليمنيين، كي يتيحوا للضغوط الأممية " الأمريكية أساسا " فرصة أكبر للتدخل الصريح، لفرض هذه الصيغة.
خطوة مكشوفة، لايمكن ان تمر - ان مرت - دون علم الحكومة و" التحالف العربي " ورضاهما، طوعا أو كرها.
***
ان لم يكن يدرك الآن، فسيدرك تحالف صالح/الحوثي " والمطبلين له " يوما ما، ان الحروب الهمجية التي شنها وخاضها، في مختلف الجبهات الداخلية " لم " تكن نتيجتها سوى تقسيم البلاد، على أمل الفوز بـ " شقفة " منها.
***
تكشف الوقائع أن هولاء المزايدون على غيرهم، باسم الوطنية والسيادة، هم الأكثر تماهيا، مع المخططات " الدولية " الأكثر توحشا، بوعي وإدراك، أو بدونهما.
وإذا ماتجنب هولاء " حربا أهلية " طائفية طويلة دون أفق، كنتاج مباشر لحماقاتهم، فسيظفرون، في أفضل الأحوال، بـ " شطر " الشمال، ولكن بدون مأرب والجوف.
مثلهم، في هذا، مثل بعض فصائل الحراك، التي تناضل، بمزاج عال، دون رؤية، تحت علم " الجنوب "، وسيظفرون، ان ظفروا، أي ان تجنبوا، هم أيضا، حروبا جهوية ومناطقية مديدة، بإقليم جنوبي، وربما بدولة جنوبية، ولكن بدون حضرموت وشبوة.
***
وثيقة بنعمر، التي يتم تنفيذها حسبما تؤكده الوقائع، كل يوم، منذ بدء الحرب، " ولكن ليس دون صعوبات "، تستهدف عزل وحماية وتأمين ماكان خبراء السفارات قد أسموه ب " الإقليم النفطي، الجوف، مأرب، حضرموت، شبوة "، وترك المحافظات الأخرى، ذات الكثافة السكانية، في الشمال والجنوب على السواء، نهبا للصراعات والحروب.
***
مشكلة دوائر رسم السياسات وخلايا إدارة الأزمات لدى دول الهيمنة، وعلى رأسها أمريكا، أنها لاترى المجتمعات والشعوب الا كما لو كانت فئران تجارب، أي كما لو أنها كائنات بلا تاريخ ولاثقافة ولا آمال وتطلعات...الخ.
فتدمر البلدان - عن قصد أو لعدم إكتراث، وتضطر شعوبها، الى دفع أثمان باهضة، من أجل العودة الى ذاتها، فحسب " العراق مثالا ".
إذ حتى وان تدجنت " النخب "، وامتسخت لتتماهي مع الدور المرسوم لها، ككائنات تجارب معملية، الا أن المجتمعات والشعوب، في عمقها وجوهرها، لاتدجن ولاتستكين ولاتخنع، فتتحرك تلقائيا، ككائنات إنسانية، بوحي من تاريخها وثقافتها وآمالها وتطلعاتها ومصائرها المشتركة، مهما أمتدت بها الصراعات، أو أدمتها الحروب.