متولي محمود
أتساءل دائما عن ترسانة الأسلحة المهولة التي دمرتها مقاتلات التحالف العربي في العاصمة والمحافظات الأخرى. لكنني أعود لأتساءل عن الأطنان منها التي لا يزال يستخدمها الحوثيون كل يوم في جبهات القتال المختلفة، وعن الإسراف في استخدامها.. من أين تأتي كل هذه الذخائر، وهل لا يزال هناك الكثير منها لمواصلة القتال في تعز، إب، البيضاء، ومعركة صنعاء والشمال؟! نعم لا يزال هناك الكثير منها؛ انظروا إلى حجم الإسراف في الضرب فقط!
في منطقة الربيعي القريبة، كانت أطقم التعزيزات المسؤولة عن جلب الذخائر لا تتوقف. قرابة أربعة أطقم فورد عليها رشاشات 23 م.ط تضرب بإسراف؛ آلاف القذائف أشاهدها في زمن معين لا يتجاوز بضع دقائق. أضف إلى ذلك قذائف الدبابات المتمركزة أسفل الوادي. كل تلك القاذفات تصب نيرانها على تلال صغيرة يتمركز فيها أفراد المقاومة بأسلحة تقليدية للغاية. هذا في جبهة صغيرة جدا، فما بالكم بالجبهات الأخرى والمتعددة..
أمام فارق السلاح، كان أفراد المقاومة ينسحبون، لكن بكمائن محكمة كلفت الحوثيين عشرات القتلى وعشرات الجرحى. لو كان المقاومون يملكون مضادات للدروع طويلة المدى كصواريخ تاو مثلا، لاصطادوا تلك الدبابات بسهولة، ولما تمكن منهم الحوثيون.. تراجع المقاومون إلى التلال المرتفعة، وابتعدوا عن المنطقة، المفتوحة، المتاخمة للخط الرئيسي تعز- الحديدة.
عندما يغتنم أفراد المقاومة طقم فورد مثلا، فإنهم يقومون بتعديل رشاشه- المسرف- عبر فصل قصبتي النار عن بعضهما، للاستفادة منهما كلا على حدة، وللحد من الإسراف الذي تضخه القصبتان معا في الضغطة الواحدة. معظم هذه الذخائر تأتي من العاصمة؛ حتى أسلحة المعسكرات خضعت هي الأخرى للمركزية المفرطة. ربما لم يكن في معسكرات المحافظات سوى النزر اليسير، بينما كُدست أطنان مهولة منها- التي دفعت من عرَق اليمنيين- في جبال العاصمة، وتحت أقبيتها. حتى تساءل البعض فيما لو كانت صنعاء عاصمة أم مخزن كبير للأسلحة والموت!
ربما كان الشيء الوحيد الذي تتفوق فيه اليمن هو مخازن الأسلحة والذخائر. لا أظن الدول المصنعة لتلك الأسلحة تحتفظ بهذا الرصيد الذي حوته مخازننا. كل هذا البذخ في التسلّح على حساب المواطن البسيط. تذهب أموال الدولة لتجارتهم الخاصة، بينما تذهب البقية في تكديس الأسلحة، للحفاظ على هذه البقرة الحلوب، وضمان استمرارها، بينما يتضور المساكين جوعا.
مؤخرا، دمرت مقاتلات التحالف مخازن جديدة، وصفت بالسرية للغاية. مخازن أرضية في زوايا معسكرات مترامية الأطراف؛ حتى مقر التلفزيون الرسمي كدست فيه الصواريخ. ربما كان هذا الرصيد الاستراتيجي معدا لمعركة العاصمة، لكن مراقبين يرون أن هناك من أوشى بها من القيادات المقربة من المخلوع. كيف لا يفعلون، والخيانة والارتزاق هما من أوصلاهم إلى مرتبة مقربة منه؛ ومن سيدفع أكثر سيمضون معه. هكذا تأسس حزب "المؤتمر" للأسف، وهكذا يصنف منتموه؛ إلا ما رحم ربي.
اكتشف سكان العاصمة أنهم ينامون فوق مخازن أسلحة. أكتشفوا أن المدينة التي يسكنونها ليست سوى قنبلة موقوتة بالإمكان أن تنفجر في أية لحظة. خصوصا إذا علمنا عن وجود مخازن أخرى في أماكن حساسة، تحفظ التحالف عن تدميرها، لكارثية ذلك.. جامع الصالح والمساحة المحيطة به أنموذجا!!