د.موسى قاسم
عندما يفقد الوطن بريقه, يُنظرللمواطن خارج حدود وطنه بشيء من الدونية والإنتقاص, فكرامة المواطن في أي بلد هي انعكاس لكرامة وطنه وسمعته, ومتى ما فقد الوطن سمعته الطيبة وكرامته, أثر ذلك على أبنائه في الداخل والخارج.
ظهيرة هذا اليوم ذهبت إلى الإدراة العامة للهجرة والجوازات الماليزية في العاصمة السياسية بوتراجايا لإجراء معاملة بسيطة لصديق " تمديد فيزا", أخذت إستمارة التقديم للغرض المطلوب, أنهيت ملء البيانات ثم عدت إلى الموظف المراد التقديم لديه ووجدته قد غادر مكتبه, فقد حان وقت إستراحة الموظفين التي تستمر زهاء ساعتين.
ظللت واقفا مع صديقي بجانب مكتب الموظف نتبادل الحديث حول الزحام في هذا المرفق الحكومي الهام, وأنا أرقب وجوه الناس المارة أمامي ولغاتهم, وجوه عربية متواجدة بكثرة, ملامحهم تكشف عن هوياتهم, وجوه من سوريا, العراق ووجوه كثيرة من اليمن.
تحادثت مع بعض منهم ووجدتهم أتوا إلى ماليزيا لغرض إنهاء معاملاتهم والسفر إلى دول أخرى كون سفارات تلك البلدان غادرت اليمن, وحرموا من إجراء معاملاتهم هناك, عوائل تريد السفر إلى أمريكا للإلتحاق بعائليها, وطلاب حال الإنقلاب المليشاوي بينهم وبين جامعاتهم ووجدوا ماليزيا مكانا لإستكمال سفرهم وإلتحاقهم بجامعاتهم, أطفال ونساء على قائمة الإنتظار للرحيل من بلد سكنهم وسكنوه.
بدأت فترة إستراحة الموظفين تقترب من النهاية, تشكل طابور طويل بظرف عشر دقائق, أخذت مكاني في الطابور وكنت الثاني ضمن طابور يربو عدده عن الخمسين شخصا, وقبل انتهاء فترة الإستراحة بعشر دقائق دلف الموظف وبجانبه ضابط برتبة كبيرة, بدأ ينهي المعاملة الأولى, نظر إليّ الضابط وسألني" ما جنسية الجواز الذي تحمله" أجبته يمني! صاح الضابط في الطابور الطويل" كل من يحمل الجواز اليمني يغادر المكان ويأتي يوم غد لإنهاء معاملته" نظر اليمنيون في وجوه بعضهم البعض مشدوهين مما حصل, لقد انتظروا طويلا وهاهم يغادرون دون إنجاز أي شيء!!
أنسحب جميع اليمنيين من الطابور وكل أخذ اشيائه ورحل, وأثناء نزولي بالمصعد مغادرا المكان, أنفجر في وجهي شابان يمنيان وهم يصبون لعناتهم على مليشيا الحوثي وعلي صالح التي أوصلت اليمن إلى هذا الحال, قال لي أحدهم, ليس لدي مشكلة في رفض معاملتي لهذا اليوم, ولكن المشكلة هي عملية طردنا كحاملي للجنسية اليمنية بشكل لاأخلاقي ومهين من بين كل الجنسيات المتواجدة في المكان, إنه أمرٌ محزن أن يصل حامل الجواز اليمني إلى هذه الدرجة من الدونية وعدم الإحترام.
هكذا يُعامل أي مواطن عندما يتحول وطنه إلى مجرد خبرا للحرب والموت والدمار تتناقله قنوات الأخبار وصفحات الصحف, وتتحكم به مليشيا إجرامية لا تبالي بأي شيء, ولا يهمها سمعة وطن وكرامة شعب, ولا تعي معنى أن يملك الإنسان وطنا حرا كريما أو أن يكون بلا وطن مهان الكرامة.